قصة كراون دايسي، وكريستل.
الجزء الثاني.
الفصل الثالث.
الزواج عندي الان، هو أن أُومن لك وريثا ً من بعدي ...
هكذا قالت الدكتورة كريستل، لوالدها، ودخلت غرفتها تجهش بالبكاء.
لم تعد كريستل تحتمل أعباء الحياة وحيدة، تُصارع الضربة تلو الضربة، حتى أٓنهكت قواها موت شقيقها الوحيد، بحادث سير مروّع على طريق ساحل النورماندي، وبقيت طيلة حياتها ترزح تحت وطأة موت شقيقها، الذي أعتبرت نفسها المسؤولة عنه.
كانت كريستل اثناء دراستها الحقوق، تريد ان تملئ الفراغ العاطفي عندها، فالجو الاجتماعي في باريس، والجو الطلابي في السوربون، وباقي جامعات فرنسا، بدأ يشهد في أواخر سبعينيات القرن الماضي حركات طلابية شبابية، وأصطدامات مع الشرطة.
كانت كريستل، لا تُلبّي الدعوات، لانها وحيدة ولم تجد من يحّل محّل حبيبها، فإنخرّطت بالجمعيات المدنية، وزاد شغفها بالدور التطّوعي، وتنامى دورها في هذه الجمعيات، حتى باتت محّط الأنظار، وكانت دائما ً وأبدا ً تتذّكر حبيبها بالجامعة، عندما كان يُطلق عليها مدام همرشولد، عندما كانت تٌدوِّر زوايا خلافات طلاب الدورة.
داغ همرشولد، كان أمينا ً عاما ً سابقا ً للأمم المتحدة، وقد أُشتهر بدبلوماسيته في فض ّ النزاعات، وكانت كريستل تضحك كثيرا ً عندما كان حبيبها يناديها ب مدام همرشولد، حتى قالت له من باب العشق، والغنج، والدلال،
من تُحِّب اكثر،
كريستل، أم مدام همرشولد.
يُجيبها، طبعا ً كريستل.
لم تفعل كريستل شيئا ً في فرنسا، ألا وله دلالات في علم الأرقام، يشير في مضمونه الى حبيبها، ووالدتها.
في أواخر سنوات كلية الحقوق، كان صيت كريستل في مجال التطّوع الطلابي، والهيئات، والجمعيات المدنية، قد ذاع ولمع في أروقة السوربون، فهي الثرية، الذكية، القديرة، ذات الأخلاق الرفيعة، والصيت الحسن، فإستدعاها عميد الجامعة، وأخبرها ان هذه السنة في أيار، وحزيران ستُقام حفلات وطنية في النورماندي، بمناسبة ذكرى إلانزال البحري للحلفاء، وتحرير فرنسا، في نهاية الحرب العالمية الثانية، وان رئيس الولايات المتحدة الأميركية، ورئيس وزراء إنكلترا هما، من بين الحضور، وقد طلبّت الحكومة الفرنسية من جامعة السوربون، القيام بتحضيرات والقاء الضوء على المعاهدات القانونية، التى تلّت هذا الاجتياح، وان إدارة الجامعة إختارتك على راس فريق من طلاب الحقوق، يُشرف عليكم الدكتور جاك بومبيدو.
فرحّت كريستل كثيرا ً، ولكنها أشترطت ان يكون اول لقاء في النورماندي، يوم ٢٥ أيار.
لم يفهم الدكتور بومبيدو، تحديد هذا اليوم، وتواعد الفريق على ان يكون اول إلتئام وإلتقاء لهذا الفريق، في اليوم المُحدّد الذي قررّته كريستل.
كان شقيق كريستل، قد وصل لتِّوه من بيروت، وعلى المطار أهداه والده سيارة جديدة، إختارت كريستل اللون الأحمر، الذي تُحبه، ولا تفضّل لونا ً آخرا ً عليه، حتى في تلوين أظافرها.
قالت كريستل لشقيقها، بعد غد، في ٢٥ أيار سنذهب الى النورماندي في سيارتك، انت تقضي إجازتك على الشاطئ اللازورّدي، وانا أنهي عملي.
نجحت كريستل، في التحضيرات ولم تترك معاهدة دولية إلا وذكرتها، وكانت تُناقش الدكتور بومبيدو، وتغمز دائما ً من قناة دور فرنسا، في إنهاء إنتدابها لوطنها لبنان، وتُقارنه، وتُباعده عن، دور الولايات المتحدة الأميركية، بعد النورماندي، وتقول جِهارا ً وعلنا ً ان فرنسا تركت لبنان بعد أنتهاء أنتدابها يتّٓخبط، أما أميركا بعد النورماندي، جعلت من فرنسا دولة عظمى.
كانت كريستل، تُلفت النظر لسعة إطلاعها، وكان زُملاؤها يكّنون لها واسع الإحترام والتقدير، خاصة رئيس الفريق.
كانت كريستل، يجتاحها الشوق لحبيبها، حتى انها وفي فترات لاحقة من حياتها، تؤمن بان اي مكروه يحدث لها، هو بسبب عدم وقوفها بجانب حبيبها، وأنها تنال عقوبتها لهذا السبب.
كانت هذه الفكرة، تؤلمها كثيرا ً، وكانت تسأل خالقها، لماذا لم يعطها القوة، حتى تدافع عن حبيب عمرها، بدل ان تتركه وحيدا ً يُقاسي، ويُعاني.
وفي احد إجتماعات النورماندي، وقبل حفل الافتتاح، وقع المحظور، مات شقيقها بحادث سير مروّع على الشاطئ الذي كان لازورديا ً ومال الى السواد.
لم يتركها زملاؤها، والمشرف على الفريق، ولا إدارة السوربون، التي طلبت من الحكومة الفرنسية، إنهاء التحقيق بأقصى سرعة ممكنة، كل ذلك بسبب أرضاء، وتخفيف شجون كريستل.
عادت كريستل الى باريس، برفقة جُثمان شقيقها الوحيد،
وبزغ في حياتها فجر، العذاب، والالم، والقهر، والحرمان، والندم.
لم تييأس كريستل، عندما رأت والدها ينهار، وقالت له،
لا تخف،
سأُؤمن، وريثا ً لك من بعدي ...
فالزواج عندي، بات مهمة ....
ولن يكون غير ذلك .....
الجزء الثاني.
الفصل الثالث.
من قصة كراون دايسي، وكريستل.
فيصل المصري
اورلاندو / أيلول / ٢٠١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق