النظام الاقطاعي.في لبنان.
لقد إستغربت كثيرا ً، لما تبّلغت من غوغل، ان اكثر الدراسات قراءة في مدونتّي، هي ( في نسّب، وتاريخ عائلة علم الدين )، تلك العائلة اللبنانية، الإقطاعية.
كانت دراستي عن الموسيقار فريد الاطرش، الأكثر قراءة على مدى أشهر عديدة، حتى وصلني هذا التذكير.
فهمت من هذا التذكير، انه لا بد من إعادة هيكلية هذه الدراسة، والتطّرق، وإلقاء الضوء على بعض الأمور، التي تُزيد من وهجها.
ولأن ّ الاعلام في الغرب، مُوجَّه عن طريق التذكير، والتذكير، خلافا ً للإعلام في الشرق، والدول الديكتاتورية، الذي يكون جبرا ًً، وحقنا ً، فإني، ولاني من داخل هذه المنظومة، فقد قررّت زيادة، بعض الإضافات على هذه الدراسة.
نظرة تاريخية على، الإقطاع.
الإقطاعية، هو نظام إجتماعي، وسياسي، وإقتصادي، له تعريفات عديدة ظهر في أوروبا خلال العصور المظلمة، وشبه الجزيرة العربية، ومناطق أخرى من العالم في فترات مختلفة من التاريخ.
ان المصطّلح، إرتبط في الغالب بأوروبا، في العصور المظلّمة من القرن التاسع، وحتى القرن الخامس عشر، وأول إستخداماته كان في القرن السابع عشر،
النظام الإقطاعي هو، تفرَّد مجموعة بملكية الأرض ، وما عليها من عِبّٓاد، هذا بالمعنى العام.
وبمعنى آخر، هو نظام سياسي، إجتماعي، وإقتصادي حربي ، قائم على حيازة الأرض ، وتنظيم العلاقة بين، السيّد الإقطاعي والتّابع.
أمّا مفهوم الإقطاع، فلم يتم استخدامه إلاّ في أواخر القرن الثامن عشر ، إبان الثورة الفرنسية عام 1789 م.
ومنذ ذلك الحين ظهرت إلى جانب " النظام الإقطاعي "، كلمات مثل " الإقطاع " ، " القن " ، " القنية " ، " المأمور " ، " الضومين " وغيرها من مصطلحات، تتعّلق بالأرض، بما عليها من عاملين، وملاّك في العصور الوسطى.
أصبح لهذه المفردّات، مكانتها في المعاجم التاريخيّة ، يستخدمها الكتّاب والمؤرخون، في دراساتهم للعلاقات المتشابكة، بين الأفراد والجماعات، إبان العصور الوسطى الإقطاعيّة.
ويعود سبب ظهور هذا النظام في أوروبا في ذلك الوقت، إلى ضرورات إقتضّتها ظروف الحياة في تلك المجتمعات ، بعد سقوط الإمبراطوريّة الرومانيّة بيد القبائل البربريّة ، وأهمها :
1. تأثر النبلاء ، ومالكي الأراضي الرومان، بنظام الأتباع ، الذي ساد دولة الفرنجة، في فرنسا.
2. قيام صغار المالكين، برهن أملاكهم إلى من هم أكثر نفوذاً وقوة ، لتأمين الحمايةِ لهم.
3. حالة الضعف، والفوضى التي سادت البلاد بُعَيدَ وفاة شارلمان .
4. ضعف الحكومة المركزية للدولة ، وعجزها عن صدّ الأخطار الخارجيّة.
الإقطاع، في لبنان.
أن ّ السبب الرابع، المُتمثّل بضعف الحكومة المركزية للدولة، هو من أهم سمّات تركيبة النظام اللبناني، والتي بسببها قويًّت شوكة الإقطاع في لبنان، منذ تاريخ تكوينه، حتى يومنا الحاضر.
وقد دأبت العائلات الإقطاعية في لبنان، على إضعاف الحكومات المركزية، وقد بان ذلك من التاريخ المعاصر، منذ حروب الفتن الطائفية، والمذهبية في القرن التاسع عشر ( فتنة ١٨٦٠ ) ثم في القرن العشرين، في الحروب الأهلية، ١٩٥٨، ١٩٧٥، وما بعدهما، وما تلى هذه الحروب من إتفاقات، كجنيف، والطائف، والدوحة.
هذه الحروب، والفتّن المذهبية، قوّت شوكة الإقطاع السياسي، في لبنان، وأصبح المُصطّلح المستعمل في القواميس، هو ملوك، وأمراء، الطوائف، بدّل تسميّة الإقطاع العائلي، وإن كانت التسّمية الجديدة، لا تختلف عن القديمة، كونها تُزيد من أضعاف الحكومات المركزية، وتُزيد ايضا ً من إذلال الشعب.
أذا قارنت الحروب الأهلية، في العالم الحديث، بدء ً من الثورة الأميركية المجيدة، والثورة الفرنسية المُظفّرة، والحروب والفتن الأهلية في لبنان، ترى الفرق الشاسع في النتائج.
هناك، وبعد الثورة الوطنية الأهلية، ترى ان الشعوب، وصلت الى كامل حقوقها المدنية في الحياة، والى ان عظمّة، ورفعة شأن الدولة المركزية وصل الى سدرّة المنتهى، عكس ما حصل، ويحصل في لبنان، إذ تلاحظ، ان شوكة، وبأس، الإقطاع، وفيما بعد، الملوك، والامراء، زاد قسوة، وعنفوانا ً، وظلما ً، فيما تناقص نفوذ الحكومة المركزية، وأصبح في الحضيض، وان الشعب، إنقلب كالخرفان، يقودهم، راع ٍ يجيئ بهم او يأخذهم للذبح، مُحاطين، ومكّبلين بالذّل، والهوان والاحتقار، ومن ثم الهجرة، الى من استطاع اليه سبيلا ً.
واكبر دليل على ذلك، الحراك المدني اليوم، حيث تضافرت قوى الملوك والامراء، على كبح جماح هذا الحراك الشعبي، فنزلت الدولة المركزية، بقواها الهزيلة، القادرة على الشعب الاعزل فقط، يساعدها جماعات من الأزلام، على إهانة، وإذلال الشعب، فيما كرامة الوطن بالداخل، والخارج، مُهانة.
فيصل المصري
أورلاندو / فلوريدا
أيلول / ٢٠١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق