خاطرة،
في تكرّيم الشاعر طليع حمدان.
كنت قد كتبّت في مدوّنتي عن، الانسان العربي يجب ان يموت حتى يُكرَّم، وكنت أُشير، صراحة الى العالم العربي، والى لبنان بالذّات.
الى ان قرأت في وسائل التواّصل الاجتماعي، انه أُقيم يوم ٢٠ أيلول ٢٠١٥، حفل تكريم وأزاحة الستار عن تمثال الشاعر طليع حمدان في بلدته عين عنوب.
هذا الحفل، بغّٓض النظر عن الشاعر المُكّرم، الذي نُقدِّر، ونُجِّل،
إنّ فيه، دلالات جديدة، أهمُهّا :
-/ من قام بهذا التكرّيم، هو جمعيات أهلية، نسائية، ناشطة بالمجتمع المدني.
-/ الانسان المُكّرم، هو شاعر ٌ ما زال على قيد الحياة.
-/ تكريم هذا الشاعر، جاء من أهل بلدته.
مما لا شك فيه، ان هذا العمل، إنجاز بحدّ ذاته، لان عرب اليوم، بخلاف عرب الامس، يتركون الانسان، حتى يموت، ومن ثمّ يجري تكريمه، واليكم الدليل.
كان العرب في الجاهلية، من اكثر شعوب الارض تكريما ً لأبطالهم وهم على قيد الحياة، وكان البطل في الجاهليه هو الشاعر، الفارس، الكريم، الفصيح، الداهية.
كانت القبائل العربية، تُشعل النيران على رؤوس الجبال، اعلانا ً
منها، بظهور رجل فريد، يَجلِب ُ الفخر، والعزّة، والشرف، والكرامة، لقبيلته.
كرَّمت عرب الجاهلية، أُناس وهم على قيد الحياة، مثلا ً :
امرؤ القيس، الشاعر الفذّ.
وائل بن ربيعة التغلبي، الفارس، المغوار.
سحبان وائل، فصيح اللسان.
حاتم الطائي، الكريم، وكريم النفس.
عمر بن العاص، الداهية، الرهيب.
في يومنا هذا،
إنقلب المِعيّار،
لا يُكَّرم، الانسان المُبدع ْ، والممُمَّيز، الا بعد موته، وبعد الموت، تتشَّدق، الالسن، وتنهمر، الكلمات، وتنطق، الأفواه منادية بالتكريم، والتبجيل، والتعظيم.
ومن فرط التدجيل، يتراكضون ويتدافعون، ويهرولون وراء الجنازة، ويطلقون التصاريح، والدموع تتدفق حزنا ً واسى ً.
اما التكّريم، في أمة عرب اليوم، لا يطال الا الحكّام، اما غيرهم من الفلاسفة، والاُدباء ، والمبدعين، وألاطباء، والموسيقيين، واصحاب الفن الرفيع، وغيرهم ، مغيّبون، ومهّمشون، ولا يحق لهم التكريم.
بات الانسان العربي، الفريد والممّميز، يتمّنى الموت، كي يكَّرم.
طرفة ابن العبد، الشاعر الجاهلي، جرى تكريمه وهو ابن عشرين عاما ً، لم تنتظر قبيلته حتى يغزو الشيّب ُ مفرقه، او تلين عريكته.
إن حصل تكريم، في العالم العربي، او في لبنان، لانسان كان مميزا ً في حياته، فانهم ينتّظرون الى ان يصل الى، السبعين او التسعين، من عمره، وهو يستند الى عصا، تحميه من الوقوع أرضا ً، او يصبح، هرما ً، وقد اجتاحه الخرَف، وياتي التكريم، بعد فقدان عقله، او قعوده حتى، عن معرفة ماذا يجري.
يجب، ان يموت حتى يكَّرم، الانسان العربي،
إلاّ في حالة الشاعر طليع حمدان.
والفضل يعود، ألى اصحاب الفضل القلائل.
أعداد
فيصل المصري
اورلاندو / فلوريدا
تشرين اول ٢٠١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق