الفصل الثاني عشر :
من قصة كراون دايسي و كريستل
لم يهدأ ذلك الصباح.
إستاءت صحته، وبدا كالمجنون، كيف الوصول اليها،
حاول مرارا ً وتكرارا ً الاتصال بها عبر الهاتف.
كانت خطوط العاصمة مقطوعة، ذلك الصباح، للدلالة على حظّه السئ.
ما لبث ان سمع طرقا ً على الباب،
يوم ٌ رهيب، بدأ منذ الصباح، بقسوته، وشراسته، وظلمه ....
كيف لا يكون بجانب كريستل في اصعب يوم ٍ من حياتها.
كان بجانب الباب، ( العم فؤاد ) سائق كريستل، إعتاد ان يراه بالبدلة الرسمية، والقبعة، ولكنه اليوم كان حزينا ً والشعر الأبيض الذي ملأ رأسه زاده كِبرا ً وهما ً ...
قال له، العم فؤاد :
أرسلتني الست الصغيرة، لأُخبرك عن وفاة والدتها، وهي تطلب اليك ان لا تحضر يوم العزاء، لانها تخاف ان يحصل لك مكروه، ويكفي وفاة والدتها
ولا تريد ان تخسرك انت الاخر في هذه الحرب القذرة.
وأضاف ان يوم الدفن تقّرر يوم غد في مسقط رأسها.
وتقول لك، ستتكلم معك، وإلا سترسلني اليك.
وهذه رسالة منها ....
فض ّٓ رسالتها،
وقالت فيها :
خسرت أُمي، وعضُدي، وسندي ..
لم يبق لي إلا حِلْم واحد ..
هو انت ...
حافظ، عليه، وإهتم بنفسك، لا أريدك إلا ان تبقى مثلي الأعلى، وحبي الذي لا ينضب.
مضى هذا اليوم والذي تلاه، وتلاه
وتلاه، كالنار التي تنهش الهشيم.
مضى الى قريته، في اليوم الذي حُدَد موعدا ً للدفن.
قضى أيامه يجمّع، ويقطُف، زهور كراون دايسي، فيأخذ الذابلة منها، ويسقيها، حتى إمتلأت صفحات كتبه بالزهور.
وبقي على هذا المنوال الى ان وصل فجأة الى قريته العم فؤاد، حاملا معه زهور كراون دايسي الذابلة، والتي كانت إستلمتّها قبل وفاة والدتها.
فهم من الزهور الذابلة، ان أيامها من الان وصاعدا ً كلها ذابلة.
حاول ان يعطي العم فؤاد باقة من الزهور النضّرة، والتي قطفها صباح ذلك اليوم كعادته،
الا ان العم فؤاد قال له :
قالت الست الصغيرة،
اذا لم يقدّم لك، الزهور كعادته،
إياك ان تطلب منه ...
الحمدلله، ان باقة الزهور هي حاضرة جاهزة، مثل كل يوم.
اليوم ستفرح، الست الصغيرة لهذه الزهور !!
سأُخبرها، انك ما زلت تقطف هذه الزهرة كل يوم.
قاطعه، قُل ْ لها ايضا ً :
سأبقى الى نهاية العمر، اقطف، وأقطف، وأقطف زهرة كراون دايسي.
وبسبب الحرب الأهلية الطاحنة، قررت إدارة الجامعة، إعطاء إفادات لطلبة السنوات الاخيرة، بإجتيازهم السنوات المُقررة.
وقد إستنّدت الجامعة في قرارها، الى ان طلاّب السنوات الاخيرة، منهم من قُبل في جامعات، أجنبية، ومنهم من حاز على على وظيفة.
من جملة الطلاب الذين إستفادوا من قرار الجامعة، كريستل، وحبيبها.
لم يفرح هو، ولم تفرح كريستل، لان هذا وٓضٓعٓ حدا ً الى كل اللقاءات لو سارت الجامعة من دون هذا القرار.
لمّا عاد الى بيروت،
كان الأهل، قد ساءهم التدهّور النفسي والصحي الذي بدا على وجهه.
الى أن أبلغته شقيقته الكبرى المتواجدة في اميركا، انه يتوّجب عليه السفر الى قبرص لاستلام سمة دخول الى الولايات المتحدة الاميركية.
تلكأ في الذهاب الى قبرص ...
وتمهّل في القبول ...
الى ان إتصلت به كريستل، بعد طول غياب، عشية يوم من ايام الخريف.
إنتهى الفصل الثاني عشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق