Pages

الأحد، 17 أغسطس 2014

سر العلاقة ما بين الامبراطورية العثمانية ( تركيا اليوم ) والعرب من جهةواليهود من جهة اخرى !!

سر العلاقة ما بين الامبراطورية العثمانية ( تركيا اليوم )
 والعرب من جهة 
واليهود من جهة اخرى

بعد ان نشُط َ التحّرك  الدبلوماسي التركي خلال هذا العقد تجاه الدول العربية خاصة (  سوريا ولبنان وفلسطين ) ظاهره  الوّد والمحبة والتقارب، يقابله تحّرك دبلوماسي غلافه  عداء سافر تجاه اسرائيل، كان لا بد من إلقاء نظرة  تاريخية   
على سر هذه العلاقة المتحركة والناشطة اليوم !!

وكعادتي،  التي لم ولن أغيّرها، ما زالت نظرتي الى بعض المؤرخين العرب هي هي !! لأني  ما زلت اعتقد أنهم  برعوا في التحريف واستباحوا الكذب وشرّعوا الأباطيل. وقد اطلّعت  على ما دوّنوه عن فترة الحكم العثماني الذي دام لقرون أربعة، على البلاد العربية ان الخير الوفير والرغد  في العيش كان من مميزات هذا الحكم، كذلك خيّم على هذه البلاد ظلال وافرة من العدل والتسامح، وقد أبحرت الحرية وسط الشعوب العربية دون عواصف وأعاصير ورفرفت أعلام  العزة والكرامة في طول البلاد العربية وعرضها !!
مما لا شك فيه ان هذا الكلام يزدهر بالارهاصات والتلفيق الممنهج، لان تأريخ  الحقبة العثمانية قام به كتبة مأجورين أطلقت عليهم فيما مضى مسمى ( مؤرخو المصاطب )

  
حتى أكون منصفاً وصادقا ً وعادلا ً، ان المؤرخين  العرب في ناحية واحدة فقط  صدقوا، وهي ان الامبراطورية العثمانية استعادت أمجاد المسلمين العرب  بعد ان طحنتهم الخلافات العربية منذ سقوط الخلافة العباسية المدّوي وما بعدها،
لان قبائل  الشعب التركي الذين أخذوا من الاسلام دينا ً قدموا  من اسيا الوسطى واحتّلوا  القسطنطينية وهزموا  الامبراطورية البيزنطية، وحافظوا عليها، بخلاف أقرانهم العرب المسلمين الذين لم يحافظوا على الأندلس !! ( يراجع في ذلك مدونتي عن ملوك وأمراء الطوائف في الأندلس ما قاله المؤرخ المقري عن السلطان محمد الحادي عشر ابو عبدالله عندما انصرف عن عاصمته غرناطه حيث تأوه ودمعت عيناه فنهرته أمه وقالت له يحق لك ان تبكي كالنساء ملكاً لم تستطع ان تدافع عنه كالرجال .... )

كذلك حتى أعطي الخلافة العثمانية حقها،  قبل الدخول في بحثي عن كيفية تعاملهم مع العرب المسلمين والمسيحيين واليهود على حد سواء، ان احد المؤرخين في الغرب قال ان هزيمة المسلمين العرب في الأندلس هي  شذوذ عن القاعدة التي تذهب الى ان المدنية العربية الاسلامية ترسخ وتعمّر حيثما تحّل أقدام العرب ما عدا اسبانيا. وهذا في حد ذاته تبجيل وتكريم للمسلمين الأتراك خلاف أقرانهم المسلمين العرب !!


في العلاقة ما بين العرب والإمبراطورية العثمانية :

كانت سمة وسياسة الأتراك في حكمهم للعرب، هي الاحتقار والإهانة، وما زالت لغاية تاريخه وصمات العار تتدلى من عبارات ومفردات عانى منها الأجداد ( كالسخرة والانكشارية والسفربرلك ... ) والملاحظ ان المعاناة دامت لقرون أربعة وانتهت يوم ٣٠ أيلول ١٩١٨ عندما احتل سلطان الاطرش دمشق ورفع العلم العربي فوق دار الحكومة وهزم الجيش التركي الذي كان يعاني سكرات الموت بعد ان دبّ المرض في جسم السلطنة العثمانية المتهالكة خلال الحرب العالمية الاولى !!

والمستهجن والملفت للنظر ان المؤرخ العربي لم يدوّن هذا الحدث التاريخي برفع العلم العربي وإنزال العلم التركي لان النفاق والدجل والتدليس  التاريخي المدسوس يحول دون ذلك !!
 وبالرغم من وفرة الأعياد عند العرب، الرسمية والدينية منها،  لم   يحددوا يوما ً للاحتفال برفع العلم العربي، الذي قضى في رمزيته  على الحكم العثماني البغيض، أسوة بالبلاد التي تحترم علمها ومن رفعه عاليا ً ! ( يراجع مدونتي عن سلطان باشا الاطرش رافع العلم العربي الاول )

وإذا ألقينا نظرة على الحكام والمتصرفين الذين عينهم الباب العالي لفرض سيطرتهم على البلاد العربية نرى بعضهم أتراك والبعض الاخر من البلاد التي احتلوها في أوروبا مثل ألبانيا وأحيانا ً من ارمينيا، ولم يصدف ان جرى تعيين عربي مسلم على اي بلد أوروبي احتله الأتراك، وذلك لترسيخ سياستهم في تهميش المسلم العربي !!
كانت لديهم سياسة ضرب زعماء العشائر العربية بعضهم ببعض، وقد ابتدعوا طرقا ً في لبنان وسورية قي تقوية شيخ او أمير على اخر، فدّب الهزال والهوان في البنيتين اللبنانية والسورية، حتى يسود الظلم العثماني لفترات أطول !!!

اما في علاقاتهم مع المسيحيين واليهود العرب، لم يأتِ التاريخ على ذكر أمور مستهجنة في حقهما، وقد ذكر التاريخ ان المسيحيين العرب لاقوا العذاب والاستبداد من ابراهيم باشا المصري ( الذي تعود أصوله وجذوره الي العرق التركي ) وقد يكونوا بذلك تبادلوا وتقاسموا  الأدوار في فرض سيطرتهم المبنية على إذلال العرب !!

اما اليهود العرب، لم يقع نظري على مستند يبرز او يفيد ان عملاء  وحكّام الامبراطورية العثمانية المنتشرين في أصقاع البلاد العربية   قد استعملوا  أساليبا ً تحقيرية تجاه اليهود  كتلك المستعملة تجاه العرب المسلمين والمسيحيين، ومرد ذلك سيأتي بحثه فيما بعد عند الكلام في علاقة الامبراطورية العثمانية مع اليهود !!

وقد ذكر المؤرخ العربي المنافق ان الإمبرطورية العثمانية شقّت الطرق ومدّت سكك الحديد وضربت العملة وقوننت الأحكام واشادت دورا ً للحكم ( سرايا ) وغير ذلك من تفخيم في غير محله، 
كانت  نية الامبراطورية في وضع هذه الأمور لا تصب في خانة العرب، لان قوانين الأحوال الشخصية كانت معروفة ومطبقة وفقا ً للشريعتين الاسلامية والمسيحية، قبل الحكم العثماني بقرون عديدة، والقوننة كان هدفها فرض مذهب واحد بالنسبة للمسلمين نظرا ً لتعدد المذاهب.

 وساتطرق الى  مسالة  واحدة وهي مد سكة الحديد المعروفة بسكة حديد الحجاز  والتي كان لها مقر في ساحة البرج ( بيروت ) وفي دمشق !! والتي عاثى المؤرخ العربي الخفيف في تعظيم شأنها والاعلاء من قدرها،  والمعروف ان عبقرية سوليدير ( شركة قامت بالتنظيم المُدني لبيروت بعد الحرب الأهلية )  أبقت على مبنى واحد وكان فيه سينما أوبرا،  وهدمت أبنية ملاصقة، مهمة للتراث العثماني في فن البناء، وقام رئيس الوزراء الأسبق المرحوم رفيق الحريري بإعادة ترميم السراي العثمانية في بيروت وجعلها مقرا ً لرئاسة الحكومة !!

بالنسبة لمد سكة حديد الحجاز، تبين من الأوراق السرية والوثائق المعتمدة ان الباب العالي في بداية  القرن الثامن عشر، لاحظ تنامي نشاط  الحركات التحررية في البلاد العربية بعد ان تأثر الجو العربي المقاوم والثائر بأفكار الثورة الفرنسية وبمعتقدات الثورة الأميركية، وقد لاحظنا ان بعض المفكرين العرب المسلمين وخاصة وبصورة أقوى  المسيحيين استلهموا هذه المبادئ وجاهروا بها إبان البطش العثماني، وحتى يفّوتوا الفرص التحررية وامتدادها، أشار المهندسون الأتراك على الباب العالي   وهم من عليّة القوم بالعلم والإدراك والمعرفة ان يستعمل ذات الأسلوب الذي اعتمده الرئيس الأميركي آبراهام لينكولن في القضاء على تمرد الولايات الجنوبية على الاتحاد، بان ينشر سكك الحديد في طول الولايات الشمالية وعرضها !!
وقد برهنت هذه الاستراتيجية في المواصلات تأثيرها في الحرب الأهلية وساعدت الحكومة الفدرالية بالقضاء على التمرد لتوفر عاملي  السرعة في التموين ونقل الجنود !!
وقد أخذ الباب العالي بهذه النصيحة، وباتت سكة حديد الحجاز في اول عهدها بتصرف الجيش العثماني لنقل الجند والعتاد لقمع التمرد والحركات ... الخ !!

في العلاقة بين الامبراطورية العثمانية واليهود !!

تعود هذه العلاقة الى يوم سقوط الأندلس على يد أمراء ورجال الكنيسة الإسبانيين 
حيث استقبلت الامبراطورية العثمانية اليهود الذي جرى تهجيرهم من الأندلس وكان في جعبتهم  أفكار وفلسفات العرب المسلمين الذين رافقوهم في رحاب العلم الواسع الغني، ومن سخريات او حظوظ القدّر ان بعض الكتب الفلسفية التي ألفّها  المسلمون العرب بقيت في حوزة اليهود والباقي تّم حرقه او أتلافه كما يذكر التاريخ محنة التكفير التي اجتاحت الأندلس في يوم مظلم من ليالي  التاريخ المضيئ !! 
وقد ذكر التاريخ بالتفصيل الدقيق هذه الهجرات اليهودية الى رحاب الامبراطورية العثمانية !!
من اسبانيا.  بالعام ١٤٩٢ 
من البرتغال.  بالعام ١٤٩٧ 
من سيسيليا.     بالعام ١٤٩٨ 

وقد أوصى السلطان بايزيد الثاني موظفيه وحكّامه بتسهيل واستقبال اليهود ومساعدتهم بشكل جيد، وبهذه الطريقة وجد اليهود الاستقرار والأمان في ظل الامبراطورية العثمانية بعيدا ً عن الملاحقات الدينية !!
وفي شهر شباط من العام ١٥٥٦ وبعد ان احرق بابا روما بولس الرابع ٢٥ يهوديا ً مُعمّدين  قسرا ً، وجه السلطان رسالة الى البابا طلب منه تحرير المساجين اليهود بشكل فوري، وقد خضع البابا لرغبة السلطان وطلبه !!

سكن اليهود في الطرق التجارية للإمبراطورية ( اسطنبول ، سالونيك ، ايزمير  وغيرها من المفاصل التجارية )
وقد برع اليهود في القطاع المصرفي وفي العمل على الأحجار الكريمة وصياغة الذهب والفضة وامتهان الطب والترجمة والطباعة وما زالت هذه المهن والحرف بيدهم !!


كما تعود هذه العلاقة الي ايام السلطان العثماني  محمد الثاني ، في القرن الخامس عشر عندما استقبلت اسطنبول اليهود المهجرين من اليونان وتم توزيعهم على دمشق والقدس والقاهرة !!

كذلك في القرن الخامس عشر وصلت مجموعة من الاشكيناز بعد ان طردوا من الدول الجرمانية وقد وزعهّم  الباب العالي وفق طريقته في استقدام اليهود وزرعهم وتوزيعهم في البلاد العربية !!
يتضح من أعلاه عمق العلاقة ما بين اليهود والإمبراطورية العثمانية !!

وأخيرا ً ما بين التقليد والحداثة اعتبرت الحاخامية الكبرى المؤسسة اليهودية التركية الأبرز والتي احاط بها مجلسا ً علمانيا ً، وقد بدأت المجموعات اليهودية تلمس التشدد المسلم الناشط في تركيا اليوم !!!

أعداد
فيصل المصري 
اورلاندو / فلوريدا 
أب ٢٠١٤ 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق