الصابئة
عقيدتهم
وأماكن تواجدهم
قال شيخ الاسلام ابن تيمية :
الصابئة نوعان:
صابئة حنفاء :
وتعني هذه الكلمة ان الاحناف هم فئة وحدّت الله قبل ظهور الاسلام، يراجع بحثي بهذا الخصوص ( ايهما اسبق الاحناف ام الوثنيون )
وقد اعتبرهم ابن تيمية بمنزلة من كان متبعاً لشريعة التوراة والإنجيل، وهؤلاء حمدهم الله تعالى وأثنى عليهم .
اما الصابئة المشركون :
فهم قوم يعبدون الملائكة ويقرأون الزبور ويصّلون ويعبدون الروحانيات العلوية .
يقول البعض ان كلمة صابئة جاءت من الآرامية اي تعمّد اصطبغ او غطّ او غطس، وهذه اهم شعيرة دينية لديهم وهو طقس التعميد.
اما كلمة المندائي ( الصابئي ) وهي أيضاً آرامية بمعنى العلم والمعرفة، والمندائي هو العارف او العالم بوجود الخالق الأوحد.
إذن الصابئي هو المندائي هو من وحّد الله.
ان تاريخ الصابئة يلفه الغموض بسبب انغلاقهم الديني والاضطهاد الذي تعرضوا له وضياع الكثير من كتبهم.
في كتابه الملل والنحل للشهرستاني، يذكر المؤلف ان الصابئة يوحدون الله ويؤمنون بتلقي المعرفة العليا بواسطة الروحانيات !!
اما ياقوت الحموي، يقول عنهم انهم ملة يصل عمقها الى النبي شيت ابن آدم !!
ابن الوردي المؤرخ العربي الشهير، يُرجع تاريخ الصابئة الى النبي شيت ابن النبي أدم والنبي إدريس ( هرمس).
وقد أجمع المؤرخين العرب القدماء ان كتاب الصابئة المقدّس كنزا ربا / الكنز العظيم، يقع في ٦٠٠ صفحة، يجمع كل معتقداتهم !! وأنهم كانوا منتشرين في بلاد الرافدين قبل المسيحية بأكثر من
٢٠٠٠ سنة !!!
الصابئة في القران الكريم:
ورد ذكر الصابئة بصورة مستقلة في القران الكريم في :
سورة البقرة الآية ٦٢
سورة المائدة الآية ٦٩
سورة الحج الآية ١٧
وقد اشتهر الصابئة المندائيون منذ القدم بعلوم الطب والهندسة والشعر والأدب والترجمة، أشهرهم ابو إسحاق الصابي وزير الطائع والمطيع، وثابت بن قرّه وإبراهيم هلال الأديب الذائع الصيت الذي توّلى ديوان المظالم سنة ٩٦٠ م !!
أماكن تواجدهم:
في العراق ( دجلة والفرات ) وفي الأهوار وشط العرب، وفي ايران يسكنون على ضفاف نهر الكارون ... الخ.
إذن، ديانة الصابئة او المندائية هي احد الأديان الإبراهيمية وهي أصل جميع الأديان لانها، وحدّت الله وان اتباع هذه الديانة يتبعون أنبياء الله أدم، شيت، إدريس، نوح وسام ابن نوح.
وقد تبين ان الصابئة ( المندائيون ) تواجدوا منذ قرون قبل الميلاد، وكتابهم المقدس جنزاربا، مبارك اسمه ولديهم مخطوطات دينية وطقسية مكتوبة باللغة المندائية الآرامية وهي غنية بالعمق اللاهوتي الديني والعقائدي والروحاني بحيث انبثقت منها اليهودية والمسيحية واستلهم الاسلام من وحيها !!
انهم يؤمنون بوجود الله ويعتقدون ان الملائكة تسكن في الكواكب ولذلك يعظمونها ويقدّسونها !!
والمندي، هو معبد الصابئة وفيه كتبهم المقدسة، ويجري تعميد رجال الدين على الضفاف اليمنى من الأنهر الجارية !!! ضمن طقوس مشددة.
اما الصلاة، تؤدى ثلاث مرات باليوم قبيل الشروق، وعند الزوال، وقبيل الغروب، باتجاه القطب الشمالي، وتستحب ان تكون جماعة في ايام الآحاد والأعياد من دون سجود !!
يهتم الصابئي المندائي بالطهارة وهي مفروضة على الجنسين وينبغي ان تكون في المياه الجارية، والتعميد من ابرز طقوسهم حيث يدخل الوليد في الماء الجاري الى ركبتيه مع الاتجاه الى القطب الشمالي، وكذلك عمادة الزواج في يوم الأحد، أما عمادة الجماعة وهي العيد الكبير عيد ملك الأنوار !!
هناك أيضاً فئة مهمة من الصابئة كانت تسكن في حران وقد انقرضت وتختلف معتقداتهم بعض الشيئ عن الصابئة المندائية المنتشرة على ضفاف الأنهر الكبيرة في جنوب العراق وإيران !! وعُرف منهم ثابت بن قره، وسنان بن ثابت وإبراهيم بن سنان وأبو الحسن الحرائي، وقد عاشوا ضمن المجتمع الاسلامي في بغداد بعد هجرتهم من حران بسبب اضطهاد الكنيسة الرومانية لهم، منهم من برع في الترجمة ( ابو إسحاق الصابئي )
صاحب ديوان الإنشاء الذي كان له مكانة لدى الخلفاء العباسيين وعلاقة متينة مع الشريف الرضي ذي المكانة الرفيعة في البلاط العباسي .
اما المستشرقة ( دراور ) تعلمت لغتهم وسبرت غور كتبهم الدينية وقالت عنهم انهم لا يعبدون الأجرام السماوية ولكنهم يعتقدون ان النجوم والكواكب تحتوي على مخلوقات حيّة تتحكم بمصائر البشر !!
وأضافت انهم موحدون يعبدون الله الواحد الأحد وان دينهم اقدم الأديان.
ارتبط الصابئة او المندائيون، اسمهم بالنبي ابراهيم الخليل الذي عاش في مدينة اور السومرية، مدينة الهة القمر إنانا في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وكان ابراهيم اول من نبذ الأصنام ودعا لرب واحد عظيم القدرة اطلق عليه السومريون اسم ( لوكال / ديمير / آن / كي / آ ) ملك الهة ما هو فوق وما هو تحت ( رب السموات والأرض )
آمن الصابئة المندائيون بتعاليم ابراهيم واحتفظوا بصحفه ومارسوا طقوس التعميد التي سنها لهم واستمروا عليها الى يومنا هذا.
وقد هاجر قسم منهم الى حران مع النبي ابراهيم والقسم الاخر بقي في العراق.
من اهم طقوسهم، الصباغة بمياه الرافدين واعتبروا دجلة والفرات انهاراً مقدسة تطهّر الأرواح والأجساد فاصطبغوا في مياهها كي تنال نفوسهم النقاء والبهاء الذي يغمر عالم النور الذي اليه يعودون !!
اما مفهوم الاغتسال والصباغة في العديد من النصوص المسمارية هو دليل على تأثر الأديان العراقية في زمن الحضارات الاكدية والبابلية والسومرية والآشورية، بالديانة المندائية، وهذا دليل على ان الديانة المندائية ( الصابئة ) أقدم الأديان التوحيدية !!!
يبدو واضحاً ان التوحيد في الدين الصابئي الحنيف يعني ان الله مسبّح اسمه، محل العبادة والطاعة والولاء لا شريك له وهو الذي يصرف الامور كيف ما يشاء.
معظم الصابئة يسكنون قرب النهر، والصلاة عندهم فرض واجب،
كذلك الصدقة، والصوم له طقوس وهي الامتناع عن الفواحش والمحرمات،
والكفر عندهم هو عدم إداء الفروض الدينية والارتداد عن الدين الصابئي، يحرّم عليهم الختان لانه لا يجوز تغيير خلقة الله سبحانه، والعلة الشرعية واضحة كما يعتقد الصابئة من ان الله الحي القيوم مسبّح اسمه خلق الانسان كاملا.
ويؤمنون بالتوبة ويعتبرون الخمرة توضع شاربها في قيود وأقفال وتثقل عليه السلاسل والاغلال.
احترام الأب وآلام والأخوة والأخوات واجب والملفت انه مطلوب منهم عدم الاقتراب من الملوك والسلاطين ( ولا تثقوا بهم، وأحبوا اصحابكم )،
فضلا عن أمور نهاهم عنها الدين كالسحر والكذب والغش والدجل والربا.
اما البكارة، فهي طقس ديني مهم إذ تقوم والدة الكنزبرا او زوجته بفحص الفتاة العذراء بعد تعميدها وقبل تسليمها لعريسها بغية التأكد من سلامة بكارتها !!
اما الزانية، فإنها لا تقتل بل تهجر، وبإمكانها ان تكّفر عن خطيئتها بالارتماء والانغماس بالماء الجاري !!
ولا يتم الطلاق الا بعد انحراف أخلاقي خطير، اذ يتم التفريق عن طريق الكنزبرا !
السنة المندائية ٣٦٠ يوماً في ١٢ شهراً وكل شهر ٣٠ يوماً. ويعتقدون بصحة التقويم الهجري بسبب اختلاطهم بالمسلمين ولان ظهور النبي محمد صلعم كان مذكوراً في الكتب المقدسة الموجودة لديهم.
يعظمّون يوم الأحد كالنصارى ويقدسونه ولا يعملون اي شيئ على الإطلاق، وغيرها من طقوس بالأعياد وطريقة اللبس والألوان .... الخ !!
يؤمنون بالتناسخ، ويعتقدون بتطبيقاته في بعض جوانب عقيدتهم !!
وللرجل ان يتزوج ما يشاء من النساء على قدر ما تسمح به ظروفه.
بناء عليه
ان العرب يرجعون كلمة الصابئة الى،
( صبأ )، اي خرج من دين الضلالة واتحد بدين الحق، وقد استعمل هذا التعبير عندما كان الناس يتركون الديانة الوثنية اي ( يصبأوون ) ويدخلون في الدين المندائي الموحد لله او الذين دعوا بالاحناف
ومن الجدير بالذكر ان النبي محمد ( صلعم ) واتباعه دعيوا بالصباة ودعاهم مشركي مكه بالصابئة. وهذا يدل انه حتى قبل ظهور الاسلام كانت اللغة الآرامية والصابئة والمندائيون والاحناف متواجدون في شبه الجزيرة العربية !!
بالوقت الحاضر تتواجد مركز هذه الطائفة في بغداد وفي اغلب المحافظات العراقية، وبسبب الظلم عليهم في السنوات الاخيرة اضطر الصابئة المندائيون الى الهجرة لأميركا وكندا، ولديهم جمعيات تعنى بشؤونهم ويحاولون جاهدين المحافظة على تراثهم العريق وهويتهم الأصلية، ويبلغ تعدادهم حوالي ٧٠٠٠٠ سبعين الف نسمه في العالم !!!
أعداد
فيصل المصري
اورلاندو / فلوريدا
تموز ٢٠١٤
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق