الحلم العربي ما زال بعيد المنال.
لأننا أُمَّة اقرأ لا تقرأ.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
هي المُدونَّة، لأنَّه آن أوانها …
لماذا أعتبر في العديد من مُدونَّاتي وأبحاثي أنَّ مصيبة الإسلام العربي تكمُن في مسلمي الأمصار والأقطار المتاخمة والبعيدة غير العربيَّة.
ولماذا تعصُّبي لقوميَّتي العربيَّة وأنا بعيد في الغربة الغاربة.
لماذا في مُدونَّاتي وأبحاثي أُصِّر على وصف بعض المؤرِّخين العرب والبعض من فقهاء المسلمين العرب بالحُثالة.
لماذا أعتبر أنَّ من يكتب في الأديان السماويَّة ليس بالضرورة أن يكون شيخاً مُعممَّاً أو قسيساً أو كاهناً بل إنساناً مُتعلماً ومُثقفاً وملماً فِي الحضارات والثقافات التي سبقت هذه الاديان.
لماذا أعتبر أنَّ من يكتب في التاريخ ليس بالضرورة أن يكون مؤرخاً ( مأجوراً ) بل باحثِاً أو مُنقبَاً.
ولماذا لا زلت أعتقد أنَّ تدجين أو تهجين الشعوب غير العربيَّة بالدين الإسلامي سبَّب أذيَّة للدوَّل العربيَّة الإسلامية كافةً.
ولماذا اعتبرت أنَّ الوهَّن والهيبة والضعف بدأ يدِّب في الإمبراطوريَّة الإسلاميَّة العربيَّة بعد ٩٠ سنة من القضاء على الخلافة الأمويَّة على يد أبناء العمومة مِن بني العباس، وبعد ٣٠٠ سنة من زوال الخلافة العباسيَّة وسقوط بغداد.
ولماذا اعتبرت أنَّ مؤشِّر زوال الإمبراطوريَّات في التاريخ يكون بتدمير تراث الماضي وحرق الكتُّب وتدمير المكتبات إذا تضمنت ما يخالف الرأي السياسي أو الديني العقائدي كما حصل :
لمكتبة الإسكندرية عندما كتب عمر إبن العاص فاتح مصر خطاباً إلى الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب يستشيره في أمر مكتبة الإسكندرية والكُتُّب العلميَّة والثقافية، فأتاه أمر الخليفة :
"... وأمَّا الْكُتُب التي ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة بنا إليها ".
وهكذا أمر عمرو بن العاص بتوزيع الْكُتُب على حمامات الإسكندرية لاستخدامها في إيقاد النيران، وبقيت حمامات الإسكندرية توقد كتباً بدلاً من الحطّبْ وقتاً مِن الزمن.
وقد تجرأ بعض المؤرِّخين المسلمين القلائل على تدوين مجزرة إحراق وتلف الكُتُّب، منهم :
( القبطي في كتابه تراجم الحُكماء ).
( شيخ المؤرِّخين المصريين تقي الدين المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار ).
( الفهرس لإبن النديم ).
( إبن خلدون في كتابه مقدمة إبن خلدون ).
كذلك ذكر التاريخ قيام سعد بن أبي وقاص بإلقاء كُتُّب الفرس في الماء والنار بناء على أمر الخليفة عمر بن الخطاب الذي قال فيه :
" إن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه، وإن يكن ضلالاً فقد كفانا الله."
كذلك ذكر التاريخ عندما أحرق حُكَّام وملوك وأُمراء الطوائف العرب المسلمين بالأندلس وبأوامر من الإستبلشمانت الدينيَّة الإسلاميَّة آنذاك، كُتُّب عمالقتهم في شتى العلوم، حيث عُرفت بالتاريخ المُتمدِّن بمذبحة العقل والمنطق والفلسفة وباقي العلوم.
وإنْ أنسى، لمْ ولنْ أنسى العمل البربري والحقير عندما جرى حرق وإتلاف وسرقة ونهب مكتبة دار الحكمة بالقاهرة بأمر مِن أحقر الشخصيات عبر التاريخ صلاح الدين الأيوبي وذلك مِن أجل إغلاق باب العقل عند العرب وإقفاله بالاصفاد مُستغلين تفسير الشرع والفتاوى على هواهم مِن أجل إثارة النعرات المذهبيَّّة.
وحتى أعطي الدليل القاطع بأنَّ مصيبة الإسلام العربي تكمُن في مسلمي الأمصار والأقطار المتاخمة والبعيدة غير العربيَّة، أقول :
أُنظر حولك كيف يُخيم الخريف الجاثم على بلاد الشام.
واقرأ مُدونَّاتي عن العرب قبل وبعد الإسلام.
واقرأ مُدونَّتي عن سر العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة الفارسيَّة، ( إيران اليوم ) واليهود حيث يتبين لك أنَّ الرأي الإيراني حول إسرائيل اليوم يقوم على الأسس ذاتها التي وضعها الإمبراطور قورش عند تحريره اليهود من السبي البابلي.
واقرأ مُدونَّتي عن سر العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة، ( تركيا اليوم ) واليهود حيث يظهر لك أنَّ سمة وسياسة الأتراك في حكمهم للعرب هي الاحتقار والإهانة لقرون أربعة إنتهت يوم ٣٠ أيلول ١٩١٨م. عندما دخل سلطان باشا الأطرش دمشق، ورفع العلم العربي فوق دار الحكومة.
بعد كل هذا سيأتيك اليقين مِدراراً، لأنِّي لم أكُن يوماً مُقتنعاً كما أنا عليه الآن من اقتناع، بأنَّ خِصال وأخلاق وعادات ونخوَة العرب الذين عاشوا قبل الإسلام، هي أقوى وأمضى وأجدى نفعاً ممَّا هي عليه سيرة وحياة حُكَّام عرب اليوم، بالرغم من مُصطلح ( الجاهليَّة ) الذي ظهر بعد الإسلام.
وأخيراً وليس أخراً وحتى أخر هذا الزمن.
أقول وأُكرر القول … يكذب المؤرِّخون العرب ( القدامى والجدد ) إن قالوا عكس ذلك.
ولهذا السبب وغيره …
ولأنَّ العرب أُمَّة إقرأ … لا تقرأ …
هذا هو حالهم اليوم … ولا حاجة لتفسير أكثر.
وقبل أن ينتهي فصل الخريف المؤلم والمُظلم على بلادنا أقول بأنَّه لم يتجرأ مؤرخو ( المصاطب ) العرب قديماً وحديثاً على القول إنَّ مسلمي الأمصار انضووا في الإسلام لأسباب لا تمُتُّ للعقيدة أو الإيمان الصحيح، بل المستشرقون الأجانب صرَّحوا علانية أنَّ مُسلمي الأمصار البعيدة ( ستان ) والقريبة كالفرس وبني عُثمان، اعتنقوا الإسلام ودخلوا هذا الدين لسبب واحد وهو أن يُمسكوا في بلاد العرب ويحكموا السيطرة على شعوبها، وما مجريات التاريخ في كل من بلاد فارس وبني عثمان إلَّا خير دليل على الأذى الذي طاول وما يزال يطاول الكيان العربي.
إنَّه عصر الظُلُمات العربي الإسلامي الذي نعيشه بعد موجات مُسلمي الامصار والاقطار البعيدة ( ستان ) وفتاويهم بتفجير تمثال بوذا وتكسير الصُلبان مِن الكنائس، وحتى تفجير وتهديم المساجد والمآذن العربيَّة، التي ليست مِن مذهبهم، ولم نسمع أنَّه في طول العراق وسوريا تمَّ هدم كنيس يهودي أو معلم من معالم النبي موسى عليه السلام.
هذامن باب ما قل َّ .. ودل َّ.
وحتى أُنهي مُدوَّنتي هذه أُردِّد على مسامعكم ما قاله المؤرِّخ المقرِّي عن مِحنَّة الإمبراطوريَّة الإسلاميَّة العربيَّة أثناء سقوط الأندلس والتي يُمكن تعميمها على الدول العربيَّة الآن التي تنعم بالخريف العربي دون استثناء من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر إذ قال :
وبينما كان السلطان محمد الحادي عشر ( أبو عبدالله ) منصرف عن عاصمته غرناطة يوم ٢ كانون الثاني من العام ١٤٩٢م. حانت منه التفاتة أخيرة إلى ملكه، فتأوَّه وجرت عبراته ودمعت عيناه، فنهرته أمُّه وقالت :
يحق لك أن تبكي كالنساء مُلكاً لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال.
إنَّها عبرة لمن يعتبر.
إنْ بقيَت النخوَّة والكرامة العربيَّة في نفوس وعقول الحُكَّام العرب الحاليين وخاصة في بلاد الشام حيث يجثم الخريف العربي الخانق على الشعوب المغلوب على أمرها، بدلاً مِن الملامَّة والخيبة والنفاق والكذب والتدليس والسرقة والفجور الفكري والأخلاقي.
مِن :
أُورلاندوا فلوريدا
فيصل المصري
أخر العام ٢٠٢٤م
المُدوَّنات الفيصليَّة.