Pages

الأحد، 15 ديسمبر 2024

الحلم العربي ما زال بعيد المنال. لأننا أمَّة اقرأ لا تقرأ.


 

الحلم العربي ما زال بعيد المنال

لأننا أُمَّة اقرأ لا تقرأ.

 

 


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :

هي المُدونَّة، لأنَّه آن أوانها

لماذا أعتبر في العديد من مُدونَّاتي وأبحاثي أنَّ مصيبة الإسلام العربي تكمُن في مسلمي الأمصار والأقطار المتاخمة والبعيدة غير العربيَّة

ولماذا تعصُّبي لقوميَّتي العربيَّة وأنا بعيد في الغربة الغاربة

لماذا في مُدونَّاتي وأبحاثي أُصِّر على وصف بعض المؤرِّخين العرب والبعض من فقهاء المسلمين العرب بالحُثالة

لماذا أعتبر أنَّ من يكتب في الأديان السماويَّة ليس بالضرورة أن يكون شيخاً مُعممَّاً أو قسيساً أو كاهناً بل إنساناً مُتعلماً ومُثقفاً وملماً فِي الحضارات والثقافات التي سبقت هذه الاديان.  

لماذا أعتبر أنَّ من يكتب في التاريخ ليس بالضرورة أن يكون مؤرخاً ( مأجوراً ) بل باحثِاً أو مُنقبَاً

ولماذا لا زلت أعتقد أنَّ تدجين أو تهجين الشعوب غير العربيَّة بالدين الإسلامي سبَّب أذيَّة للدوَّل العربيَّة الإسلامية كافةً.  

ولماذا اعتبرت أنَّ الوهَّن والهيبة والضعف بدأ يدِّب في الإمبراطوريَّة الإسلاميَّة العربيَّة بعد ٩٠ سنة من القضاء على الخلافة الأمويَّة على يد أبناء العمومة مِن بني العباس، وبعد ٣٠٠ سنة من زوال الخلافة العباسيَّة وسقوط بغداد

ولماذا اعتبرت أنَّ مؤشِّر زوال الإمبراطوريَّات في التاريخ يكون بتدمير تراث الماضي وحرق الكتُّب وتدمير المكتبات إذا تضمنت ما يخالف الرأي السياسي أو الديني العقائدي كما حصل

لمكتبة الإسكندرية عندما كتب عمر إبن العاص فاتح مصر  خطاباً إلى الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب يستشيره في أمر مكتبة الإسكندرية والكُتُّب العلميَّة والثقافية، فأتاه أمر الخليفة :

"... وأمَّا الْكُتُب التي ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة بنا إليها ". 

وهكذا أمر عمرو بن العاص بتوزيع الْكُتُب على حمامات الإسكندرية لاستخدامها في إيقاد النيران، وبقيت حمامات الإسكندرية توقد كتباً بدلاً من الحطّبْ وقتاً مِن الزمن

وقد تجرأ بعض المؤرِّخين المسلمين القلائل على تدوين مجزرة إحراق وتلف الكُتُّب، منهم

( القبطي في كتابه تراجم الحُكماء ). 

شيخ المؤرِّخين المصريين تقي الدين المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار ). 

( الفهرس لإبن النديم ). 

( إبن خلدون في كتابه  مقدمة إبن خلدون ). 

كذلك ذكر التاريخ  قيام  سعد بن أبي  وقاص  بإلقاء كُتُّب الفرس في الماء والنار  بناء على أمر الخليفة  عمر بن الخطاب الذي قال فيه :

" إن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه، وإن يكن ضلالاً  فقد  كفانا  الله."  

كذلك ذكر التاريخ عندما أحرق حُكَّام وملوك وأُمراء الطوائف العرب المسلمين بالأندلس  وبأوامر من الإستبلشمانت الدينيَّة الإسلاميَّة آنذاك، كُتُّب عمالقتهم في شتى العلوم، حيث عُرفت بالتاريخ المُتمدِّن بمذبحة  العقل والمنطق والفلسفة وباقي العلوم

وإنْ أنسى، لمْ ولنْ أنسى العمل البربري والحقير عندما جرى حرق وإتلاف وسرقة ونهب مكتبة دار الحكمة بالقاهرة بأمر مِن أحقر الشخصيات عبر التاريخ صلاح الدين الأيوبي وذلك مِن أجل إغلاق باب العقل عند العرب وإقفاله بالاصفاد مُستغلين تفسير الشرع والفتاوى على هواهم مِن أجل إثارة النعرات المذهبيَّّة


وحتى أعطي الدليل القاطع بأنَّ مصيبة الإسلام العربي تكمُن في مسلمي الأمصار والأقطار المتاخمة والبعيدة غير العربيَّة، أقول :

أُنظر حولك كيف يُخيم الخريف الجاثم على بلاد الشام

واقرأ مُدونَّاتي عن العرب قبل وبعد الإسلام

واقرأ مُدونَّتي عن سر العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة الفارسيَّة، ( إيران اليوم ) واليهود حيث يتبين لك أنَّ الرأي الإيراني حول إسرائيل اليوم يقوم على الأسس ذاتها التي وضعها الإمبراطور قورش عند تحريره اليهود من السبي البابلي. 

واقرأ مُدونَّتي عن سر العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة، ( تركيا اليوم ) واليهود حيث يظهر لك أنَّ سمة وسياسة الأتراك في حكمهم للعرب هي الاحتقار والإهانة لقرون أربعة إنتهت يوم ٣٠ أيلول ١٩١٨م. عندما دخل سلطان باشا الأطرش دمشق، ورفع العلم العربي فوق دار الحكومة. 

بعد كل هذا سيأتيك اليقين مِدراراً، لأنِّي لم أكُن يوماً  مُقتنعاً كما أنا عليه الآن من اقتناع، بأنَّ خِصال وأخلاق وعادات ونخوَة العرب الذين عاشوا قبل الإسلام، هي أقوى وأمضى وأجدى نفعاً ممَّا هي عليه سيرة وحياة حُكَّام عرب اليوم، بالرغم من مُصطلح ( الجاهليَّة ) الذي ظهر بعد الإسلام. 

وأخيراً وليس أخراً وحتى أخر هذا الزمن

أقول وأُكرر القوليكذب المؤرِّخون العرب ( القدامى والجدد ) إن قالوا عكس ذلك

ولهذا السبب وغيره

ولأنَّ العرب أُمَّة إقرألا  تقرأ

هذا هو حالهم اليومولا حاجة لتفسير أكثر.

وقبل أن ينتهي فصل الخريف المؤلم والمُظلم على بلادنا أقول بأنَّه لم يتجرأ مؤرخو ( المصاطب ) العرب قديماً وحديثاً على القول إنَّ مسلمي الأمصار انضووا في الإسلام لأسباب لا تمُتُّ للعقيدة أو الإيمان الصحيح، بل المستشرقون الأجانب صرَّحوا علانية أنَّ مُسلمي الأمصار البعيدة ( ستان ) والقريبة كالفرس وبني عُثمان، اعتنقوا الإسلام ودخلوا هذا الدين لسبب واحد وهو أن يُمسكوا في بلاد العرب ويحكموا السيطرة على شعوبها، وما مجريات التاريخ في كل من بلاد فارس وبني عثمان إلَّا خير دليل على الأذى الذي طاول وما يزال يطاول الكيان العربي. 

إنَّه عصر الظُلُمات العربي الإسلامي الذي نعيشه بعد موجات مُسلمي الامصار والاقطار البعيدة ( ستان ) وفتاويهم بتفجير تمثال بوذا وتكسير الصُلبان مِن الكنائس، وحتى تفجير وتهديم المساجد والمآذن العربيَّة، التي ليست مِن مذهبهم، ولم نسمع أنَّه في طول العراق وسوريا تمَّ هدم كنيس يهودي أو معلم من معالم النبي موسى عليه السلام. 


هذامن باب ما قل َّ .. ودل َّ.

وحتى أُنهي مُدوَّنتي هذه أُردِّد على مسامعكم ما قاله المؤرِّخ المقرِّي عن مِحنَّة الإمبراطوريَّة الإسلاميَّة العربيَّة  أثناء سقوط الأندلس والتي يُمكن تعميمها على الدول العربيَّة الآن التي تنعم بالخريف العربي دون استثناء من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر إذ قال :

وبينما كان السلطان محمد الحادي عشر ( أبو عبدالله ) منصرف عن عاصمته غرناطة يوم ٢ كانون الثاني من العام ١٤٩٢م. حانت منه التفاتة أخيرة إلى ملكه، فتأوَّه وجرت عبراته ودمعت عيناه، فنهرته أمُّه وقالت :

يحق لك أن تبكي كالنساء مُلكاً لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال

إنَّها عبرة لمن يعتبر

إنْ بقيَت النخوَّة والكرامة العربيَّة في نفوس وعقول الحُكَّام العرب الحاليين وخاصة في بلاد الشام حيث يجثم الخريف العربي الخانق على الشعوب المغلوب على أمرها، بدلاً مِن الملامَّة والخيبة والنفاق والكذب والتدليس والسرقة والفجور الفكري والأخلاقي


مِن

أُورلاندوا فلوريدا

فيصل المصري 

أخر العام ٢٠٢٤م

المُدوَّنات الفيصليَّة.  



الخميس، 23 مايو 2024

عرب اليوم وعرب الأمس. هل مِن فوارق ؟ نعم ! دراسَّة تاريخيَّة موثَّقة.


 

عرب اليوم وعرب الأمس ....

هل من ... فوارق ؟  نعم !

دراسَّة تاريخيَّة. 

المقدمَّة التي لا بُدَّ منها :

بادئ ذي بدء، هذه المُدوَّنة دراسَّة تاريخيَّة لا تتطرَّق إلى العقيدة أو العقائد الدينيَّة التى سادت أرض العرب قبل وبعد الإسلام، بقدر ما تُسلِّط الضوء على بعض الخِصال التي سادّت في فترة من تاريخ العرب عُرِفَت بالجاهليَّة

الجاهليَّة ... مُصطلح ظهر بعد الإسلام، يُشار فيه إلى الفترة التي سبقت الإسلام وتعني :

( الجهل من الناحية الدينيَّة، والجهل والجهالة بوجود الله ) 

بالرغم من أنَّ التعميم في التسميَّة لا يجوز ويتنافى مع وجود الديانتين السماويتّين اليهوديَّة والمسيحيَّة وجماعة الصابئة والأحناف الذين وحَّدوا الله في أرض العرب عشيَّة ظهور الإسلام، إلَّا إذا كان المقصود فئة من العرب كانت على الوثنيِّة وفي هذه أيضاً جدليَّة

( تُراجع مُدوَّنتي عن الوثنيَّة والأحناف ).  

أمَّا مِن الناحية الحضاريَّة والفكريَّة للعرب قبل الإسلام، فإنَّ الواقع العربي في تلك الحقبة أظهر تضارباً فاضحاً مع تسميَّة الجاهليَّة، سواء بمعناها الحصري ( جهل بالدين أو بوجود الله ) أو بمعناها الشامل للعقل والفكر

تلك الفترة من حياة العرب، شِهدت تنوعاً فكرياً وحضارياً أثبتته الآثار نذكر منها :

سد مأرب في اليمن كدليل على التقدُّم العمراني، كذلك تشييد وإقامة الهياكل الحجريَّة للعبادّة، وبداخلها أشكال هندسيَّة كتلك المرسومة على جدار معبّد الحقَّة  في اليمن. وقد عثر الباحثون على رسومات حجريَّة منذ زمن ما قبل التاريخ في عدة مواضع من شبه الجزيرة العربيَّة، منها رسومات في قرية الفاو عاصمة كندّه، وفي البتراء و بُصرى وفي قصر شقر الملكي في شبوة، وازدهر فن الفسيفساء في مملكة الأنباط واستمر ازدهاره حتى العصور المسيحيَّةوهناك عدد كبير من اللوحات الفسيفسائية صنعها سكَّان تلك المنطقة لا سيَّما في أمّ الرصاص وجرش والنتل ومأدبا. وهناك لوحات فسيفسائية ترجع لزمن الغساسنة، منها فسيفساء كنيسة سرجيوس في النتل، ويذكر المُنقِّبون وجود لوحات من الفسيفساء في كنائس المناذرّة في الحيرة

كذلك حفرّوا ومدُّوا الاقنية لِلرَّي لتحسين الزراعة

قُبيل الإسلام انهارّت ثلاث دول عربيَّة  قديمة  هي

مملكة حمير (  ٥٢٥ ) ميلادي

ومملكة الغساسنة٥٨٣ ) ميلادي

ومملكة المناذرة  ( ٦٠٩ ) ميلادي.    وكانت كل واحدة تؤلِّف دولة، تحكم أراضيها وتمدُّ سيطرتها على مناطق أُخرى بواسطة قبائل تحكمها تلك الممالك.

وقد ذكر اليهود العرب ما نُقل عن التلمود، أنَّ أحبارهم أخذوا الوصفات الطبيَّة من العرب الوثنيين، وفي ذلك دلالة تاريخية موثَّقة أنَّ العرب الوثنيين كان لهم في الطب باعُ طويل في تلك الحقبات الساحقةأمَّا ما وصل إلينا من الكنوز الأدبيَّة والقصائد، والمعلَّقات السبع أو العشر هو إثبات على التقدُّم الفكري لا يمكن دحضه، ( حدِّث ولا حرَج عليك إنْ أبديت زهواً وفخراً وأدمعت عيناً لفقدانهم )

في المُدوَّنة : تمهيد : 

كان العرب في جزء منهم يتوزَّعون بين الديانتين السماويَّتين اليهوديَّة  والمسيحيَّة، والباقي على الوثنيَّة وفي هذا يصٍّح وصمه بالجاهليَّة بالمعنى الحصري والضيِّق للكلمة، وكان نظام حياتهم الاجتماعية يحكمه الطابع القبلي، حيث الحروب والغزوات تستعِّر بين القبائل لمختلف الأسباب سواء كانت :

إقتصادية، مثل داحس والغبراء

أو للحماية من اللصوص وأعداء الجوار غير العرب

أو للشرف، أو لدفع الظلم

أو للثأر

وبالرغم من ذلك، فقد كان في المجتمع الجاهلي صفات النُبْل : كالكرّم والسخاءالوفاء بالعهد والصدقوالإجارّة والنجدة والمروءةوغضّ البصروالغزل العفيف. والصبر على المكاره وقوة الاحتمال والقبول باليسير

الكرم والسخاء عند العرب الاوائل.  

كان الكرم من أهم الصِّفات التي حرص العربى على التحلِّي والتفاخر بها، وكان يمقت البُخلْ ويُعيب صاحبه، 

وكان لبيئة العربي وظروفه الجغرافية الأثر البالغ في تدعيم هذه الصفة، لأنَّه كان يعيش في منطقة صحراويَّة، وفي أحيان كثيرة يجد نفسه أثناء سفره وترحاله، ليس أمامه سوى النزول ضيفاً علي أهل الخيام الموجودة في الجوار، وهنا يكون استقبال الضيف واكرامه مسألة حياة أو موت، وكان التقاعس عن القيام بواجب الضيافة، يعنى تعريض حياة الضيف لخطر الموت جوعاً أو عطشاً، ولذلك فقد أصبح إكرام الضيف والقيام بحقه واجباً من واجبات  ( الجاهليَّة ) وكانت مدة الضيافة ثلاثة أيام، وبعدها ينتهى حق الضيف، إلا إذا جدّد المضيف هذا الحق

وكان من أشهر أجواد العرب وأكرمهم، حاتم الطائى الذى كان يُضرب به المثل فى الكرم والجود، وله أخبار عديدة أهمُّها كَرمه للشعراء مثل النابغة الذبيانى وغيره، ( تراجع مُدّونتي عن حاتِّم الطائي .. أكرم العرب

وكان من كرم العرب أيضاً أنَّهم كانوا يتحمَّلون الديَّات يدفعونها من أموالهم عن طيب خاطر حقناً للدماء وحفاظاً على السلم وتخفيفاً عن المُعسرين من أفراد القبيلة، وكانوا يتنافسون فى ذلك ويعتبرونه من دلائل الشرف وعلامات السيادّة

الوفاء بالعهد والصدق عند عرب الأمس   

كان العربي يسترخِص كل غالٍ ونفيس للحفاظ على عهده، 

واحترام وعده. ولم تكن الاتفاقيَّات والأحلاف موثَّقة أو مكتوبة، وإنَّما كانوا يعتمدون علي الكلمة أو العهد الذي اكتسب قوة ونفاذاً ووفاءً، وقد جرت الأعراف أنَّ نقض العهد أو الاتفاق، يعرِّض القبيلة وأفرادها للمهانة والنقصان

وقد تعددّت القُصَّص وصور الوفاء عند العربي منها :

السموأل الذي ضُرِب به المثل فى الوفاء بالعهد فيقال أوفى من السموأل، وذلك عندما أودّع امرؤ القيس عنده دروعاً وسلاحاً، وذهب إلى قيصر الروم يستنجد به على أعدائه، وأستغل هذه الفرصة الحارث بن شمر الغسانى، فطلبها من السموأل وأصرَّ على انتزاعها منه، ولكنَّه أبى وتحصَّن بقصره فى تيماء وكان إبنه خارج القصر، فأخذه الحارث الغسانى رهينةً عنده، وأخذ يساومه وهددَّه بقتل إبنه إنْ لم يستجِب لمطلبه. إلَّا أنَّ  السمؤال ظلَّ محافظاً على عهده حتى وهو يرى إبنه يُذبح أمامه

ومِن أعجب ما يُروى أيضاً مِن قِصَّص وفاء العرب بوعدهم، ما حدث مع المنذر بن امرؤ القيس بن ماء السماء عندما حكم على رجل من طئ يقال له حنظلة بقتله.  

وفى الموعد المحدَّد التقى مع المنذر فقال له

لا بدَّ من قتلك فسّلْ حاجتك

فقال : أخرِّني حتى أرجع إلى أهلي وأفعل ما أريد

ثم أصير إليك فتفعل بي ما تشاء

فقال المنذر : ومن يكفلك أنَّك تعود

فنظر الرجل في الحضور فعرف شريك بن عمر بن شرحبيل الشيبانى وكان من سادات العرب وأشرافهم فقال

ياشريك، يا ابن عمرو ... 

ويا أخاً من لا أخاً له ...

فوقف شريك  وقال للمنذر

أبيت اللعن يدى بيده ودمي بدمه

فأطلقه المنذر بعد أن أمهله عاماً كاملاً  يعود بعده لينفّذ الحكمفلما حال الحول، وحان الأجل، جلس المنذر ينتظر حنظلة. فلما ابطأ حنظلة قليلاً  تقدَّم شريك ليُقتلُ مكانه

وبينما هو كذلك لم يشعر إلَّا بركب قد ظهر من بعيد فإذا هو حنظلة قد تكفّن وتحنَّط وتهيأ لمقتله

فلما رأه المنذر عجب من وفائه، وقال له، ما حملك على قتل نفسك ؟ فقال إنَّ لي ديناً وخُلقاً  يمنعانى من الغدر

فإستحسن ذلك منه وأطلقهما معاً

الشجاعة والأنفة وعزَّة النفس  والإجارّة والنجدة والمروءة.  

كانوا لا يقبلون ذلاً ولا هواناً ولا يقيمون على الضيم ...

وقد أشاد هيرودوتس بحُّب العرب للحرية وحفاظهم عليها ومقاومتهم لأية قوة تحاول استرقاقهم، أو إذلالهم أو أستزلامهمفكانوا إذا تعرَّضوا هم أو حلفاؤهم لأي إهانة استلُّوا سيوفهم وركبوا خيولهم وصاحوا وأشعلوها حرباً ضروساً ولو ضحُّوا فى ذلك بأنفسهم، وكان يُؤجِّج مِن ذلك ما عرف عنهم من سرعة الانفعال وفورة الأعصابولا شك أنَّ هذه النزعة عند البدو أشدُّ وأقوى منها عند الحضّر، وقد فسّر إبن خلدون السبب فى مقدمته تحت عنوان :

( أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر ).  

الحلم والصبر على المكاره وقوَّة الاحتمال

على الرغم مما عُرف عن العرب من شدَّة الانفعال وفورّة الأعصاب، فقد غلب على ساداتهم وأشرافهم وعقلائهم صفة الحلمكانوا يمتثلون لصوت العقل والحكمة

فقد سعوا إلى إطفاء نيران الحرب وأنهوا الخلافات بين القبائل وتحمَّلوا الديَّاتوكان من أشهر حكماء العرب الأحنف بن قيس صاحب المقولة الشهيرة :  

سيد القوم ... خادمهم

أى الساعى فى خدمة أبناء قبيلته

ولمَّا سُئل بماذا سُدْت قومك قال بثلاث خصال  ..

بذل الندى، وكف الأذى، ونصرة المولى، 


التفاخر والزهو 

اشتهر العرب بالزهو والتفاخر ... فكانوا يتفاخرون بالآباء  والأجداد والأنساب والأحساب والشرف والسيادة وكثرة الأبناء والأعداد والانتصارات، وبأموالهم وما ملكوه من دواب وخيول وغيرهاوكانوا يعقدون مجالس للمفاخرة بينهم، فيبدأ كل طرف بالمفاخرة بقبيلته فيردُّ عليه خصمهوكان يجلس الحكَّام للحكم بينهما، وتفضيل أحدهما.   

وكان للعرب أيضاً آدابهم :

منها احترام النساء، واحترام حرمة البيوت، وغّض البصر.

وأغضُ طرفي إن بدت لي جارتي، حتى يواري جارتي مأواها. ( هذا ما قاله احد شعراء تلك الحقبة ).  

احترام كبير السن، فلا ينادونه باسمه وإنَّما بكنيته ويبادرونه  بالتحية، في مجالسهم يقوم القاعد للقادم ويوجه له التحيّّّة.

كانوا يقومون من الأكل ويقولون

البطنة تذهب الفطنة، ويعيبون الرجل الأكول الجشع

الصدق، والصبر والتحمُّل

الطب عند العرب

التداوي ببعض الأعشاب البريَّةوالفصد، والحِجامة، والكّيالتكحيل لعلاج أمراض العينالصبر وهو دواء مر المذاق لعلاج الرمدالطب الروحي بالرقيَّة وقد برع اليهود العرب فى أعمال الرقي

وأهم الأطباء العرب في ذلك الوقت الحارث بن كلدة

علوم الفلك عند العرب الأوائل

بالرغم من عدم وجود مخطوطات علميَّّة ترجع للحقبة الجاهليَّة، إلَّا أنَّ هنالك ما يدّل على أنَّه كانت لديهم علوم متوارثة في مجالات مختلفة، في مجال الفلك الذي كانوا يدعونه علم الأنوار

وقد ثَبُت أنهم عرفوا مواقع النجوم، واستدلّوا بها للإهتداء إلى مسالكهم في البر والبحر، وكانت لهم معرفة في أوقات ظهور الكواكب، حيث كانوا يعبدون بعض الكواكب لاسيما،  الزهرة التي تظهر في أوقات محدَّدة والتي مثَّلوها بآلهة العزَّى. ( صنم ). 

في مجال الرياضيات والعلوم       

تذكر كُتُّب التاريخ عن فيثاغورس أنَّه زار بلاد العرب ليتعلَّم من حكمة أهلها، وهذا إثبات قاطع أنَّ العرب في تلك الحقبة من الزمن كانوا على دراية بالعلوم والرياضيات

وأخيرا ....

هذا لا يعني أنَّ العرب قبل الإسلام كانوا يعيشون في نعيم ورخاء إجتماعي، بل كانت لديهم خِصال سيئة ومُقيتّة كما دوَّنها المُستشرِق جوستاف لوبون، حيث يقول :

قد يكون أظهر وأغرب ما فى الأعراب هو أنَّهم جِماعُ الأضدَّاد، فالنهب والكرم، والسلب والجود، والقسوة والنبل وغير ذلك من الصفات التى تدعو إلى الإعجاب ونقيضه.  


أمَّا الفروقات ما بين عرب الأمس وعرب اليوم أتركها للقارئ الكريم


فيصل المصري 

أُورلاندو / فلوريدا

أيار ٢٠٢٤

المرجع :

المُدوَّنات الفيصليَّة كتاب

أعلام وحوادث وشخصيات تاريخيَّة

طبعة حزيران ٢٠١٨م

بيروت / لبنان 🇱🇧