Pages

الثلاثاء، 31 يناير 2023

السيدَّة الجميلة تُحاكي جِسْر الأحلام !!

 السيدَّة الجميلة تُحاكي جِسْر الأحلام


تعريف جِسر الأحلام :

على مقربة من منزلي في أورلاندو / فلوريدا هناك جِسر قديم مهجور كنت أمشي بقربه وأنا أُمارس رياضتي اليوميَّة، وقد إرتأيت وأنا أُؤلف  روايتي الجسْر وحوريَّة النهر أن أمزج الأسطورة بالخيال وجعلته يتكلم معي إلى أن أنهيت الرواية

ومنذ ذلك الوقت إذا أردت الخيال أستعين  بصديقي وكليمي الذي بات إسمه ( جِسْر الأحلام ) وانسج معه قصةً جديدة

وهذه هي إحدى قصصه :

السيدَّة الجميلة تُحاكي جِسْر الأحلام


جسر الأحلام هو كليم أي إنسان يَمُر عليه

في هذه القصَّة تُكلِّمه سيدة جميلة مؤمنَّة  مُثقفَّة  ومُتعلمَّة

كانت هذه السيدَّة تأتي إلى الْجِسْر كل يوم

كان جمالها فتَّان

كان ذكاؤها مُتَقِّد

كان عِلمها عالٍ


استغرب ألجِسْر كيف توقفَّت السيدة الجميلة عن زيارته فجأة، لأنَّه كان يفهمها على حقيقتها ويخاف على جمالها الفتَّاك ويُقدِّر إيمانها العميق ويطرَب لسماع حديثها.  

في زيارتها الاخيرة كان يعلم الْجِسْر عن مدى سعادتها، لأنَّها أسرَّت إليه بأنَّها وجدت فيه صديقاً يفهمها على حقيقتها ويُقَدِّر جمالها الفتَّان ويحترم ثقافتها العاليَّّة، ويُعجَبُ بإيمانها العميق


وقبل أن تترك السيدَّة الجميلة الْجِسْر كانت الفرحة تسكن قلبها وكانت الثقة بنفسها تغمُر كيانها، ولكنها فاجأت الجِسْر بسؤال  عن رأيهُ في جمالها ...

هل جمالها نقمة ...

أمْ جمالها نعمة ...


أذهله هذا السؤال ...

لأنَّها بنظر الجِسْر جمعَّت ...

الجمال والعقل الراجح والإيمان الصحيح … 

قالت للجِسر

إنِّي إمرأة شرقية يختلج في قلبي تساؤلات كثيرة ويختزن في داخلي مشاعر دفينة

وإنِّي أرى روحي نقيَّة قبل شكلي الجميل

وإنِّي ألقى تحديَّات وصعوبات ...

تحِّدُ مِنْ طموحي … 

وتُثْبِطُ مِنْ عزيمتي

الغيرة تارةً

والحسد طوراً أخرً ...

ومِن أقربْ الناس

بحيث … 

اقتنعت أنَّ  جمالي هو نقمة، أكثر  مما هو نعمَةً ...

ولمست أنَّ علمي هو سبب الغيرة التي تؤلمني

خاطبها الجِسْر قائلا ً :

أثلج صدري همساتك وبوح همومك لي

وافرحني كلامك بأنَّك وجدتيني صديقاً صدوقاً وفياً يفهمُكِ ويقدِّرُكُ  ...

وارتحت  لسماع خواطرك  والهواجس عن طيبة الروح المُتأصلة فيكِ والملاصقة لجمالك والمرافقة لرجاحة عقلك … 

وسُررتُ لتزاحم وتنافس الاقانيم الثلاثة في حياتك ...

لا أخاف عليكِ يا سيدتي وصديقتي الجميلة


يامالكة تاج الجمال …  

ياماسكة صولجان الحق

يا …  قابضة جمر الإيمان


ياصاحبة الاقانيم الثلاثة

أُقْنُوموجهك الصبوح.  

أُقْنُومعقلك الراجح.  

أُقْنُومقلبك الكبير.  


فلا عجباً يا صديقتي الجميلة

أن أرى التزاحم والتنافس ما بين  أقانيمُ  حياتك الثلاثة

ولا أرى في ذلك  نقمَّة …  

بل أرى في ذلك نعمَّة


لا أخاف عليك ...

إنْ  سيطر أُقْنُوم  جمال  وجهك الباسم

أو تغلَّب أُقْنُوم إيمان  قلبك العامر … 

طالما أُقْنُوم  عقلك الراجح يبقى صاحب الكلمة الاخيرة …   


تمتعي يا صديقتي الجميلة ب أقانيم الفيلسوف أفلوطين الثلاثة قبل هبوط الأديان السماويَّة

الواحد وهو ( أنتِ ). 

والعقل وهو ( عقلُكِ

والنَّفس وهو ( قلبُكِ ). 


ولا تنسي أقانيم الديانات السماويَّة الثلاثة الآب والابن والرُّوح القُدُس

أقانيم ثلاثة حباك الله سبحانه وتعالى بها

لا تعتبي على أُقنُوم جمالك إنْ سيطر في شبابك الغَّض وبقي يرافق حياتك

ولا تستعجلي أُقْنُوم عقلك إنْ تأخر بعض الوقت

وافرحي إنْ ظفر أُقْنُوم إيمانك


لكل أُقْنُوم  وقت  وحياةْ

تضرعِّي واستمهلي أُقْنُوم جمالك إن مَكَّث، وسيمكُث … 

لأنَّ الجمال نعمة مُنذُ القدم كما قال الفيلسوف اليوناني اكسانوفان :

إنَّ  النَّاس هم الذين خلقُوا آلهة الجمال على شاكلتهم وصفاتهم وهواهُّم ومنهم، ثم عبدوها.

وأخيراً ……

ماذا ينقُصكِ يا سيدتي الجميلة عن قول ذلك الفيلسوف !!   

أُنظُري إلى السماء وأعطي أمراً لانبلاج  فجرٍ جديد !!

أُنظُري إلى الورود وأعطي أمراً بالسجود !!

أنا صديقك الصدوق أرى إِشراقةُ وإضاءةُ وجهك أجمل ما في الوجود !!!. 


فيصل المصري

أُورلاندو / فلوريدا


شباط ٢٠٢٣م



الاثنين، 30 يناير 2023

طائر الفينيق الأُسطورة هديَّة إلى شباب وشابات لبنان الذين خذل مُستقبلهم حُثالَّة ساسَّة مزرعة لبنان الكبير.

 طائر الفينيق الأُسطورة. 

هديَّة إلى شباب وشابات لبنان الذين خذل مستقبلهم حُثالَّة ساسَّة مزرعة لبنان الكبير. 


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :


يُعتبر  الشعب اللبناني من أكثر شعوب العالم القديم والحديث يعشق الشعارات الزائفة والكاذبة، حتى أصبحت هذه الشعارات في وقتنا الحاضر مهزلةً.  

ويُعتبر الشعب اللبناني من أكثر شعوب العالم الحديث تسخيفاً وتنكيتاً لأزماته المعيشية عن طريق الغناء والحداء والهوارَّة والزجَّل.   


لا بل يُعتبر الشعب اللبناني المُقيم والمُغترب الأكثر تساؤلاً من بين شعوب هذا الكوكب عن دور جيشه الوطني، وعن دور مصرف لبنان بعد إنهيار العملة الوطنية وسرقة مُدخرات الشعب اللبناني في المصارف، وأخيراً وليس أخراً  إنهيار منظومة القضاء. 

إتَّقوا الله يا ملوك ويا أُمراء هذا الكيان الذي جعلتموه مزرعةً بعد أن كاد على قاب قوسين أو أدنى أن يصبح حديقة غناء للعرب. 

ولكن من باب الاحترام والتقدير لشباب وشابات لبنان الذين خذل مستقبلهم حُثالَّة السياسيين اللبنانيين، وإلى كل المُتقاعدين الذين نُهبت أموالهم، رغبت أن أُهديهم مُدونَّة عن طائر الفينيق الأسطورة تنضح أملاً ورجاءً وتتضمن لعنة من قلوب مقهورة ودعاءٌ مقبول من رب العزَّة والجلالة بأن يلعن هذه الطُغمَّة الفاسدة ويحرق قلوبها بفقد عزيز مِنْ نسلها وهي على قيد الحياة. 

وإنَّه سميعٌ مُجيب. 


طائر الفينيق حسب الأساطير :


طائر الفينيق  كما تشير الأساطير ليس طائراً ( فينيقياً )، بل هذا وصفٌ أطلقه الإغريق على الفينيقيين سكان ساحل سورية الكبرى، ونُعِتَ هذا الشعب الفينيقي بطائر الفينيق ومعناه يتجسَّد في مفهوم المنبعث من الرماد حياً. 

 أشارت إليه الأساطير اليونانية القديمة بأنَّه خرج من أقفاص الفراعنة المذهبَّة وطار في صحاري العرب الأقدمين قبل الإسلام. 


هذا الطائر بحسب الأسطورة يتم إعادة إحيائه من جديد فى كل مرة يموت فيها.

يصف البعض طائر الفينيق بأنَّه فى حجم النسر والبعض يقول أنَّه فى حجم النعامة، وبعض الأساطير تقول أنه أكبر من أى طائر على وجه الأرض. 

عندما يموت طائر الفينيق يتحلل بالكامل وسط النيران ويحترق ليتحول إلى رماد ثم يعود إلى الحياة من جديد وسط هذا الرماد. 


أسطورة طائر الفينيق كما ذكرها المؤرِّخ هيرودوت. 

يقول المؤرِّخ هيرودوت أنَّه الطائر الأسطوري الذي عاش لمدة 500 عام قبل الميلاد، ويُضيف أنَّ الفراعنة القدماء فى هوليوبلس كانو يقدسون طائراً قديماً ورسموا له الصور والنقوشات على المعابد وقد وجد المستكشفون أنه يشبه طائر الفينيق اليوناني كثيراً، وقد ربط الفراعنة طائر الفينيق بالخلود واستخدموه كرمز للبعث بعد الموت.


وقد ترجمت الأساطير اليونانية  كلمة فينيق إلى فينكس وبعض الروايات اليونانية ترجع أصل تسميَّة الطائر الأسطوري إلى مدينة يونانية أخذ المصريون عنها تلك الأسطورة.


العرب القدامى  أطلقوا على هذا الطائر كلمة "عنقاء". العنقاء أو الرخ في التراث العربي حيث كان بطلاً لكثير من الحكايات والأساطير مثل حكايات السندباد البحري.  

ورد في لسان العرب، العنقاء طائر ضخم ليس بالعُقاب. 

هذه الأسطورة الخالدة أصبحت مع مرور الزمن لسان حال الإنسان، وكانت إلهامه الذي يحثه على النهوض ويدفع به إلى الأمام حتى إلى المستحيل.

وهكذا أصبح طائر الفينيق الذي يخرج من رماد الحريق، صورة تستمد منها البشرية دروسا في التحدي والتجدد والاندفاع، ورمزا تتعلق به ( وتميمة )  ترد عنها السوء وتمنحها قوة أسطورية لا حدود لها. 


ويمكن القول إن الشاعر الإغريقي هسيود هو أول من ذكر طائر الفينيق بإعتباره طائراً يشتهر بطول العمر، إلا أن هيرودوت تفرَّد بترك وصف متكامل له حيث أصبح لاحقا جزءً  من تفاصيل هذه الأسطورة.


أمَّا أول وصف لخلود طائر الفينيق، فنجده في القرن الأول الميلادي لدى المؤرخ الروماني الشهير بليني  في قوله إن طائر الفينيق يعيش في شبه الجزيرة العربية 540 عاما وبعد ذلك يموت في عشه وتنبعث منه رائحة عطرة، ومن نخاع عظامه تخرج دودة صغيرة يظهر منها طائر فينيق جديد.

وكان طائر الفينيق رمزاً لمدينة روما العصيَّة على الموت، وقد ظهر الطائر على عملاتها المعدنية رمزاً للمدينة الأبدية. 


وهكذا استكمل طائر الفينيق سيرته، وبدا في التاريخ الإنساني طائرا يعمِّر طويلا، وهو يظهر للناس فقط  قبل وقت قليل من موته، وبعد ذلك يولد من جديد ويبقى إلى الأبد لصيقا بالشمس.


طائر الفينيق عرفته الحضارات والثقافات في القرون اللاحقة مثلاً : 


في التعاليم المسيحية كان رمزًا لخلود الروح ولخلود المحبة، لأنَّ السيِّد المسيح يموت في عزِّ الشباب ثمَّ يقوم من الموت. 

في عصر النهضة بات طائر الفينيق رمزاً  للأنظمة الملكية. 

أمَّا  فناني تلك الحقبة من نهضة أوروبا، دانتي إستشهد به في الكوميديا الإلهية

وليم شكسبير ضمَّنه أكثر من عمل مسرحي. 

وهكذا أُعطي هذا الطائر حياةً جديدة وخلوداً  حقيقياً.

حتى بات يسكن في وجدان  الشعوب المقهورة. 

وبات رمزاً للحياة  بعد الموت. 


وحتى تكتمل أُسطورة طائر الفينيق وتعود الحياة إلى لبنان بعد هذا الموت السريري المستمر وتكون هديتي لشباب وشابات وطني لبنان مقبولة، لا بُدَّ من تمنِّي الرجاء والدعاء المتواصل بأن تُزهق أرواح الطغمَّة الفاسدة لهذا الكيان الذي تمَّت ولادته بعد إجراء ولادة قيصريَّة لأُم فرنسيَّة عاهرة وأبٍ عثماني فاسق.  

وإنَّ الله على كل شيءٍ قدير. 


فيصل المصري

أُورلاندو / فلوريدا

كانون الثاني ٢٠٢٣م. 



السبت، 28 يناير 2023

علاقة العرب بالفرس قبل وبُعيد الإسلام مباشرةً. دراسَة تاريخيَّة.

 

علاقة العرب بالفرس قبل وبعيد الإسلام مباشرة

دراسة تاريخيَّة


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :


ولماذا هذه المُدونَّة الأن

ولماذا تعصُّبي لقوميَّتي العربية الدائم ويليه مباشرة حنيني لموطن الاباء والأجداد لبنان. 

ولماذا أعتبر في العديد من مُدونَّاتي وأبحاثي أنَّ مصيبة الإسلام العربي تُكمِن في مسلمي الأمصار والأقطار المتاخمة والبعيدة غير العربيَّة

ولماذا خوفي إن إستمر النهج العربي على حاله وخاصة في لبنان من خذلان وهوان ستأتي إلينا من بلاد فارس رايات ولاية الفقيه لتفرض أحكامها كما كتمت أنفاسنا عمائم حُثالة سلاطين بني عثمان لقرون عدة

وأتساءل هل فقد القضاء اللبناني عقله كما قال إبن خلدون منذ قرون ( إنَّ القضاء هو عقل الشعب ومتى فقدوه فقدوا عقولهم ). 

ويقلقني أيضاً هل أنَّ الإدارة الأميركية الحاليَّة طبقَّت نصيحة مستشار الأمن القومي لأحد الرؤساء السابقين لمَّا قال له ( دع الرئيس السوري حافظ الأسد يدخل بجيشه إلى لبنان حتى يحكم هذه الدويلة، لأنهم لا يعرفون أن يحكموا أنفسهم ). بأن قامت السفيرة الأميركيَّة بالتدَّخل في مسار التحقيق بانفجار مرفأ بيروت وابلاغ الطُغمَّة الفاسدة كلمة السِّر الأميركية ( والاسرائيلية أيضاً ) حتى شرب بعض كبار القضاة والمسؤولين الامنِّيين حليب السباع وأخلوا سراح جميع موقوفي الانفجار ودبَّت الفوضى القضائية، حتى أنَّ جهابذة القانون في لبنان لم يتورَّعوا في دعم كلمة السِّر بتوثيقها بآيات سماويَّة من القرآن والانجيل حتى يستيقظ من كان نائماً في مغارة المنظومة لأكثر من سنة، وكان الأولى إيقاظ أهل الكهف بآية أرضيه واحدة لا غير تقول ( إقرأ بإسم السفارات بدلاً مِن إقرأ بإسم ربّك ). 


وبالرغم من أنَّه باتت كلمة السِّر الأميركيَّة الاسرائيلية معلومة وواضحة بشكلٍ سافر، أقول أنَّه من دواعي فخري واعتزازي أنَّ أُذكركم بالقبائل العربية قبل الإسلام وبعده مباشرة، التي داست حوافر خيلها وأفراس قاداتها إيوان كسرى الفارسي وحطَّم بعيرها وقطعان إبلها مواقد وبيوت عبدَّة النَّار المجوسيَّة الزرادشتيَّة، وزرعت الخوف والهلع في شعوب بلاد فارس ونفوس دهاقنتها.  

وإلى متى نبقى أُمَّة لا تقرأ

دعكم من القول أنَّ عرب الأمس قبل الإسلام عاشوا بالجاهلية في شظفٍ مِن حياة وقلِّة من ترف وكفرٌ وعبادة أوثان وأصنامٍ وجهالة من دين.  

وحسبي الله أنَّهم كانوا بأفضل عِزِّ وأنبل شرفٍ وأوفرُ كرامةٍ من أن يقبلوا بحكمٍ وسيطرةٍ من قبائل غير عربية ك حُثالَّة القبائل العثمانية، لا بل كانوا أطهر كرامةٍ من أن ترفرف رايات الفرس الأنجاس المناكيد في صحرائهم أو في واحاتهم أو فِي مدائنهم، والتاريخ قد خلَّد ملاحم معاركهم الناصعة والمجيدة


وإلى مَن لا يقرأ التاريخ، أقول لم تكُّن يوماً العلاقات العربية / الفارسيَّة على ما يرام وهذا الكتاب من النبي العربي محمد إلى ملك الفرس كِسرى يوضح ما يكِّنه الفرس للعرب :


، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَآمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَشَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ وَأَدْعُوكَ بِدُعَاءِ اللَّهِ، فَإِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً؛ لأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ. فَإِنْ تُسْلِمْ تَسْلَمْ، وَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ إِثْمَ الْمَجُوسِ عَلَيْكَ»

أثارت تلك الرسالة غضب كسرى، فأمسكها ومزَّقها وقال: «عَبْدٌ مِنْ رَعِيَّتِي يَكْتُبُ اسْمُهُ قَبْلِي»، 

وسبَّ النبيّ، فلمَّا بلغته هذه الكلمات دعا النبي العربي على شاه فارس وقال : « مَزَّقَ اللَّهُ مُلْكَهُ »

وصدق الرسول العربي، وقد مزَّق الله إمبراطوريتهم بسيوف مسلولة  ( أهمُّها سيف الله المسلول خالد بن الوليد ). 

في المُدونَّة : نظرة الفرس للعرب دونيَّة وهم أسياد


وبينما كان أفراد القبائل العربيَّة قبل الإسلام كلٌ على دين ملوكهم، كان الفرس قد نجحوا في تأسيس إمبراطوريتهم وقد ذكرها التاريخ  ب الدولة الساسانيّة، وبالرغم من جبروت الفرس اعتادت بعض القبائل العربيَّة الإغارة على بلادهم. ولا يخلو تاريخ العصر قبل الإسلام من حروب مع الفرس وأهم معركتين شهيرتين وقعتا هما :

يوم ذي قار، أو معركة ذي قار.


معركةٌ وقعت بالعام ٦٠٩م. وكانت في عهد القائد الفارسي كسرى بن هرمز والنعمان بن المنذر ملك الحيرة، بعدما طلب كسرى من الأخير أن يزوِّجه إحدى بناته، فأبى النعمان الاستجابة له، فأرسل إليه ملك الفرس طلباً للمثول بين يديه، فعلم النعمان أنَّه سيقتله، فخرج من إمارته يبحث عن قبيلةٍ عربيّةٍ تجيره، لبَّى الاستغاثة هانئ بن مسعود كبير بني شيبان

لَمَّا وصل النعمان إلى كسرى بن هرمز محمَّلاً بالأموال والهدايا بعدما استودع نساءه وأهل بيته عند بني شيبان، 

أبى كسرى العفو عنه وقتله ( غدراً )، وأرسل إلى هانئ بن مسعود يطلب إليه أن يردَّ  كلّ ما بحوزته من أموال آل النعمان

رفض أبى هانئ الشيباني طلب ذلك المجوسي الفارسي. وعندها أعلن الفرس الحرب عليه

آزر بني شيبان أبناء عمومتهم قبائل بكر، كما لبَّت النداء قبائل أخرى بالخيل والسلاح، وتلاقى الطرفان في بقعة اسمها ذي قار

حقَّق العرب انتصاراً ساحقاً وأُعتبر من  أيامهم الخالدة.  


يوم الصفقة  :

معركةٌ  أراد كسرى بن هرمز الانتقام من بني تميم لأنهم اعتادوا اعتراض قبائله والفتك بها، فاستعان بحاكم اليمامة هوذة الحنفي للانتقام منهم، وهو ما نجح في فِعله بعدما جذبهم إلى حصنه كضيوف، ثم أعمل فيهم التقتيل غدراً وهذه  خصال وصفات الفرسالغدر والخيانة ).  


أهم قادة العرب الذين دكُّوا حصون الفرس دكاً، المثنى بن حارثة الشيباني     


كان يغِير هو ورجالٍ من قومه على تخوم ممتلكات فارس، فبلغ ذلك الخليفة أبو بكرالصديق، فقال عمربن الخطاب : 

مَنْ هذا الذي تأتينا وقائِعهُ قبل معرفة نسبه ؟ 

فقال له قيس بن عاصم التميمي : أمَّا إنَّه غَيْرُ خامل الذّكر، ولا مجهول النسب، ولا قليل العدد، ولا ذليل الغارة، ذلك المثنّى بن حارثة الشّيبانيّ.

ولمَّا قدم المثنى إلى المدينة المنورة، قال لأبا بكر الصديق : 

يا خليفة رسول الله، ابعثني لمقاتلة الفرس إن أمدَدْتني وسمعَتْ بذلك العرب أسرعوا إليَّ، واكفيك من العدوّ شرَّه، مع أني أخبرك يا خليفة رسول الله أنَّ الأعاجمَ تخافنا وتتّقينا.

ففعل ذلك أبو بكر الصديق، فقدم المثنى العراق، فقاتل وأغار على أهل فارسٍ وهزمهم.


أمَّا الخليفة عمر بن الخطاب كان يسمِّي المثنى بن حارثة الشيباني مؤَمِّر نَفْسه. وقد سيَّر له مدداً  في إحدى معاركه مع الفرس القائد العسكري  أبا عبيد بن مسعود الثقفي، فاستقبله المثنى واجتمعوا ولقوا الفرس بـ قس الناطف  واقتتلوا فاستشهد أبو عبيد، وجُرِحَ المثنى ومات قبل معركة القادسية. 

كانت وصية  المثنى بن حارثة الشيباني لسعد بن أبي وقّاص قبل معركة القادسية : 

أن لا يقاتل العدو إذا استجمع أمرهم وجندهم في عقر دارهم، وأن يقاتلهم على حدود أرضهم على أدنى حجر من أرض العرب وأدنى حدٍ من أرض العجم. 


خالد بن الوليد بعد أن اعتنق الإسلام، كتب إلى أهل فارس يدعوهم إلى الإسلام، فصمّموا على الحرب، واشتعلت المعارك بين العرب والفرس على أرض العراق، 

انتصر العرب في  النمارق و السقاطية  و باقسياثا  إلا أنهم انهزموا في موقعة واحدة ( الجسر )، ثم عادوا لسيرة الانتصارات من جديد عبر البُوَيب عام ١٣ للهجرة.

يقول الطبري :

همَّ  الخليفة عمر بن الخطاب بقتال الفرس، واختار سعد بن أبي وقاص والتقى الجيشان في القادسيَّة،  وانتصر العرب.  

وبعد ذلك فتح العرب المدائن عاصمة الفرس، وهزموهم مرَّة أخرى عند جَلُولاء، وكان من ضمن الغنائم الثمينة  سوار كِسرى

وبعدها شهَدَ عَهْد عُمر بن الخطاب تطوّراً وهو غزو العرب للفرس في قلب إمبراطوريتهم من خلال عدة معارك أهمُّها


نهاوند سنة ٢١ للهجرة، وعُرفت

بـ فتح الفتوح  لأنها الموقعة الفاصلة التي كفلت للعرب الاستيلاء على فارس

ومن بعدها كرَّت سُبحة نجاحات  العرب على أراضي كِسرى، والقبض على بعض الاسرى من الأمراء والأميرات

والمفارقة التاريخية الكبرى والتي ما زالت أثارها باقية حتى قيام الساعة عند الفرس، أنَّ من بين الأسيرات ثلاثة أميرات فارسيات أشهرهن بانو شاه  (ملكة النساء) إبنة آخر أكاسرة فارس، والتي أُسرت بصحبة أختيها، وتزوَّجها الحسين بن علي وأنجب منها إبنه زين العابدين، أمَّا أختيها فقد تزوَّجتا محمد بن أبي بكر الصديق، وعبد الله بن عمر

في العام ٣١ للهجرة  تمَّ  قتل يزدجرد الثالث وبموته انتهت دولة آل ساسان تماماً.


أخيراً  

ستبقى علاقة العرب بالفرس مثل علاقة :

الغدر والمكر والخيانة والخداع والفجور والكذب، مع الوفاءوالاخلاص والصدق والكرم، لا يلتقيان

القطب الشمالي لا يقترب من القطب الجنوبي.

الغدر عند الفرس ليس معياراً أخلاقياً

والثأر عند الفرس هو المبتغى

العفو عند المقدرة شيمة العرب

والنار عند الفرس عبادة. 

والنار عند العرب إكرام الضيف. 


فيصل المصري

أُورلاندوا / فلوريدا 

كانون الثاني ٢٠٢٣م.