سيمون بوليفار.
مُحرِّر أميركا الجنوبية.
يقف مع عُظماء التاريخ.
لكَ مني تحيَّة وفاء.
المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
لماذا سيمون بوليفار ؟
لك مني ومِن أهلنا في بلاد الشام صرخة وفاء في عالم قلَّ فيه الوفاء.
الأرض التي حررتها في أميركا الجنوبية كانت باباً للرزق الحلال لكل من ضاقت به سُبل الحياة في بلاد الشام.
العملة الحلال ( بوليفار) كانت الندى في صحراء حياة أهلنا الذين وصلوا لدياركم والظمأ ينهكهم.
سيمون بوليفار …
لك من المرحوم والدي الذي وطأت قدماه في ٢٢ تشرين الثاني من العام ١٩٢٩ أرض الخير والفردوس جزيرة كوراسو قبالة شواطئ فنزويلا، لَمَّا كان في ربيع الثامن عشر من عزِّ شبابه، لك منه الوفاء العربي الأصيل الذي غرسه في قلوبنا وعقولنا طالما الحياة تليق بنا.
كيف لا نتذكَّرك اليوم وكل يوم إذا كان لحم أكتافنا من خير بلادك العظيمة المضيافة فنزويلا.
كيف لا أتذكَّر مسيرتك التي تُشبه مسيرة جورج واشنطن مُحرر الولايات المتحدة الأميركية، مِن غطرسة وعهر التاج البريطاني في العالم الجديد.
كيف لا أتذكَّر مسيرتك التي تُماثل مسيرة الغضنفر سلطان باشا الأطرش مُحرر سوريا ورافع أول علم عربي في دمشق بعد رمي حُثالة الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة في مزبلة التاريخ.
كيف لا نتذكَّر اليوم هؤلاء العظماء :
سيمون بوليفر رحل وأتى اليوم الحُثالة يحكمون فنزويلا.
جورج واشنطن رحل وأتى اليوم الحُثالة يهدمون تماثيله.
سلطان الاطرش رحل وأتى اليوم الحُثالة يسرقون حُلمه.
نحن نعيش في عصر الحُثالة.
حُثالة الحُكَّام.
وهذا غيض من فيض.
في المُدونَّة :
سيمون بوليفر هو عسكري وسياسي فنزويلي.
وُلد في كاراكاس عاصمة فنزويلا في ٢٤ تموز ١٧٨٣م.
هو مؤسس ورئيس كولومبيا الكبرى.
من أبرز الشخصيات التي لعبت دوراً هاماً في تحرير الكثير من دول أمريكا اللاتينية التي وقعت تحت الحكم الإسباني منذ القرن السادس عشر مثل :
كولومبيا، وفنزويلا والإكوادور وبيرو وبوليفيا وبنما.
أُطلق عليه : ( جورج واشنطن أمريكا اللاتينية ).
ينتمي كل من والده خوان بيثنتي بوليفار، ووالدته ماريا دي لا كونثيبثيون بالاثيوس إلى الطبقة الأرستقراطية في مدينة كراكاس.
تنحدر أصول عائلة بوليفار من بلدية ثيناروثا - بويلبا دي بوليفار بمقاطعة بيسكاي بإقليم الباسك بإسبانيا.
وكان أفراد عائلته يقومون بعمليات بارزة في فنزويلا ببداية فترة الاستعمار.
في عام ١٨١٣م منح مجلس مدينة ماردة الفنزويلية لقب ( محرر فنزويلا ) إلى سيمون بوليفار والتي صادقت عليه مدينة كاراكاس في العام ذاته، ليصبح لقباً شرفياً مرتبطاً به طيلة حياته.
اعتبره الكثيرون بطل أمريكا الجنوبيَّة الأول وشخصيَّة مؤثرة في تاريخ العالم على خلفية تركه إرثًا سياسياً واضحاً في بلدان أميركا اللاتينية.
تكريم سيمون بوليفار كان وما يزال، صك العملة باسمه وإقامة التماثيل والنصب التذكارية والمزارات والميادين.
سُميَّت دولة بوليفيا باسمه، تخليدًا لذكراه وتقديراً لدوره التاريخي في تحريرها.
جرى تغيير اسم فنزويلا إلى جمهورية فنزويلا البوليفارية.
أفكاره ومواقفه السياسية والاجتماعية كانت دافعاً إلى تأسيس المنهج البوليفارية، الذي استند في بدايته على فكر بوليفار السياسي وحياته وأعماله.
مسيرة سيمون بوليفار في تحرير أميركا اللاتينية :
تأثر سيمون بوليفار خلال مسيرته التحريرية بالفيلسوف جان جاك روسو الذي ترك أثراً عميقاً في شخصيته. كذلك كانت أفكار حركة التنوير في فرنسا لها الدور المهم في جهاده وكفاحه لتحرير أميركا الجنوبية.
من الكتب التي قرأها سيمون بوليفار مؤلفات الفيلسوف الإنجليزي جون لوك و الفلاسفة الفرنسيين روسو وفولتير ومونتسكيو.
بعد أن أشبع نهمه في الأفكار التحررية، أخذ سيمون بوليفار يفكر ويمعن النظر في تحرير بلاده، خاصة بعد أن تكررت غزوات نابليون بونابارت إلى إسبانيا.
عندما أطاح نابليون بونابرت بالحكومة الإسبانية، لمعت الفكرة في رأس سيمون بوليفار وكانت بمثابة التشجيع له على أن يفعل نفس الشيء مع الأسبان في أمريكا الجنوبية.
بعد سلسلة حروب طويلة انتصر سيمون بوليفار على الإسبان ونالت تلك الدول استقلالها.
الخلاصة :
ذاع صيت سيمون بوليفار بوصفه محرر أمريكا الجنوبية. واحترمه الجميع.
واجه سيمون بوليفار معارضة شديدة في أيامه الأخيرة عندما هدف إلى توحيد أمريكا الجنوبية كلها تحت سلطته في اتحاد فيدرالي.
لكن محاولاته لم تثمر إلا عن استقلال القارة الأمريكية الجنوبية من المستعمر الإسباني، فيما تهاوى طموحه لتوحيد أميركا الجنوبيَّة في ظل سلطة مركزية، حيث سرعان ما انقسمت القارة إلى دويلات عديدة تتنازع فيما بينها.
أشار البعض من المحللين أن الحروب التي خاضها سيمون بوليفار مع انتصاراته كانت تهدف إلى إقامة إمبراطورية أمريكية لاتينية، تُهيمن عليها الطبقة الغنية مبنية على توجهات مركزية يقودها بنفسه.
وفاة سيمون بوليفار :
توفي مُحرر أميركا اللاتينية سيمون بوليفار في سانتا مارتا بعاصمة مقاطعة ماجدالينا بكولومبيا الكبرى في ١٧ كانون الأول عام ١٨٣٠.
اليوم تعيش فنزويلا الإنهاك الاقتصادي بعد أن كانت من أقوى الدول وأغناها في إنتاج البترول.
عملة البوليفار في أدنى المستويات مقارنة مع الدولار الأميركي.
اليوم تعيش فنزويلا أسوأ أيام تاريخها بعد سيمون بوليفار.
فيصل المصري
أورلاندو / فلوريدا
٢٨ شباط ٢٠٢١