Pages

الخميس، 30 يوليو 2020

الأميرة الفاضلة المؤمنة السِّت زهر أبي الَّلمع ، سِت درزيَّة


الأميرة الفاضلة المؤمنة السِّت زهر أبي اللَّمع ..
سِت درزيَّة

المُقدِّمة التي لا بدَّ منها :
لم يَكُن الإنسان بحاجة إلى العقل والإيمان أكثر ممَّا هو عليه الأن
وطأوا أرض القمر ويحالون الوصول إلى المريخ، وفِي كوكبنا وقف الطيران من بلد إلى أخر، وأغلقوا دور العبادة والمدارس والجامعات
وفي هذه الليالي الظَّلماءِ نفتقد الإيمان والعقل معاً.
ومن هي صاحبة العقل والإيمان.  
إنَّها الست زهر أبي الَّلمع
سأفتقد زيارة مقامك هذه السنة
ككل سنة غياب عن لبنان، وعن قريتي الوادعة صليما.  


في المُدونَّة :



الأميرة السِّت زهر إبنة الأمير  منصور مراد أبي الَّلمع من بلدة  صليما في قضاء بعبدا من محافظة جبل لبنان
ما زالت ترشحُ إيماناً وزُهداً وتقوى
إنَّها سليلة عائلة كريمة حكمَت جبل لبنان ردحاً من الزمن
إنَّها من عائلة رسمَت على جبين تاريخ لبنان أنبَل قصص الشهامَة والإباء والفروسية
إنَّها من عائلة كريمة لم يذكر التاريخ عنها أنَّها مارست في حِكمها اضطهاد أو  تفرِقة عنصرية أو  دينيَّة على رعاياها الذين ليسوا من دينهم، خلاف الأمراء الشهابيين الذين عاثوا فساداً وإفساداً وظلماً وتهجيراً في الرعيَّة على الذين خالفونهم في الدين أو  العقيدة
لست في هذه الدراسة التي تنضَّح ُ وترشحُ إيماناً لأسرُد تاريخ عائلة أبي الَّلمع السياسي والإمارة التي أرسوا دعائمها في جبل لبنان
هذه الدراسَّة  أو المُدونَّة تنقُلنا إلى رِحاب الأيمان في طريق من التَديُّن الذي سلكته هذه الأميرة السِّت سليلَّة
الْعِزَّ والجَّاه، لأنَّها نبذَّت كل مباهج وزينَة الحياة الدنيا، واختارت القداسَة والطهارة طقساً وطريقاً  ومنهجاً ومسلكاً.
لا تبتعِد الأميرة  السِّت  زهر أبي الَّلمع عن السيدة الفاضلة الجليل قدرُها رابعة العدويَّة  في المسلك والإيمان  قيد أنملة، ألَّا  فيما خصَّ أنَّ رابعة العدوّية
تسربلت حياتها بالفقر وعانَت وصبُرَت ولاقت الشدائد.  
أمَّا أميرتنا الفاضلة، دارَت وجهها المُشِع  قدراً وإجلالاً عن المال والجاه إلى الورَّع، والتحقت بالزهد والتديُّن، وهذا بحّد ذاته زاد من مكارمها.  
كتب اللورد الإنكليزي شرشل عن عائلة أبي الَّلمع لَمَّا زار لبنان بالقرن التاسع عشر، أنَّ هذه العائلة كانت على دين التوحيد أبَّا عن جد ( أي من أتباع الطائفة الدرزيَّة ). وقد إعتنقوا الديانة المسيحية كلهم، دفعةً واحدة ما عدا أميرة واحدة بقيَّت على دين ابائها وأجدادها أي دين التوحيد،  هي الأميرة الفاضلة السِّت زهر أبي الَّلمع
وقد ذكر التاريخ الصحيح غير المُزوَّر وما أكثره في تاريخ لبنان أنَّ صليما تلك القرية الوادعة والرابضة على سفح الجبل، كانت عاصمة الإمارة اللَّمعية. وكان معظم سكان صليما من طائفة الموحِّدين الدروز، وعندما بدأت موجَة التنصُّر، أي الانتقال من الدين الاسلامي أو مذهب التوحيد الدرزي إلى الديانه المسيحية، كانت عائلة أبي الَّلمع من جملة العائلات الدرزية التي تنصَّرت.  
وللتنصُّر أسبابه الاقتصادية والسياسية، ومكان بحثه ليس في هذه الْمُدوّنة.   
وكما قال اللورد الإنكليزي عن إنتقال عائلة أبي الَّلمع إلى الديانة المسيحية
( حصل ما لم يكُّن بالحسبان، قررَّت أميرة واحدة رفض التنصُّر. جاهرَت بالبقاء على دين الآباء والاجداد ). 
وبسبب قرار الأميرة السَّت زهر البقاء على دينها، إعتبرها دروز القرية، ومن ثم الدروز عامَّة « وليَّة »، يضيئون على قبرها، الشموع  والسُرج ويزورون مدفنها للتبرُّك والتبتُّل والدعاء
تُعتبر الأميرة السِّت  زهر أبي اللَّمع من فُضليات النساء صاحبات العقل الراجح والرأي السديد والأيمان الثابت
كانت تُناظر الرجال في العلم والمعرفة وتقارعهم بالحجَج وتتربَّع على عرش المحامِد والمكارِم وفضائل الأخلاق.  
وكانت تُقيم  لأعمال البرّ والإحسان صدارةً  في أولويَّاتها، وقد إنتقدَت أهلها وذويها  في إعتناقهم الدين المسيحي، لإنجرافهم وراء فوائد مادية وسياسية آنية، لا كرهاً بدينهم المتوارَث عن الآباء والأجداد، ولا حُبِّاً بالدين الجديد.  
وقبل وفاتها بالعام ١٢٣٠ هجرية بأحدى عشر سنه، ( أوقفت أملاكها الشاسعة وقصرها في صليما لعائلتي سعيد  والمصري ( عائلتين درزيَّتين ) مناصفةً.
ووزَّعت ما عندها من أموال وأثاث ومنقول في أوجه الخير والأحسان دون تفريق طائفي
أمَّا قصرها ألمنيف والشامخ في صليما، أصبح مركزاً للتعبُّد، يقام فيه مجلس القرية.  
ويقال أنَّ  ذويها  غضبوا عليها لأنَّها لم تسلك مسلكهم في إعتناق الديانة المسيحية، وزاد غضبهم لأنّّها حرمتهم من ميراثها الكبير.  
ويقال أيضاً أنَّ أخاها صمَّم على قتلها، فأتى إلى صليما وترجَّل عن جواده شاهراً سيفه بيمينه، فما أن وطأت قدماه داخل قنطرَة قصرها، حتى سقط ميتاً.
ومن المؤكد أنَّ ميراث الأميرة السِّت  زهر أبي الَّلمع، وتُكنّى، « أم سليمان »، من والدها ومن زوجها الأمير قاسم أبي الَّلمع، قد أُوقفا إلى عائلتي المصري وسعيد الدرزيتَّين.    
لم ترزَّق الأميرة السِّت  زهر ولداً.
 وللأمراء الَّلمعيين في صليما مدفنان باقيان إلى اليوم  وأهمهما المدفن المعروف بمقام  السِّت  زهر، حيث ضريحها الخاص يؤُمه المؤمنون وأهالي صليما والجوار

هذه أميرة ..
وهذه سِت درزيَّة ..
وهذه سيدَّة درزيَّة  ..
وهذه إمرأة درزيَّة  ..
سطَّرت على جبين تاريخ لبنان ما لم يقدِر عليه الرجال
إنَّها صانعة تاريخ
إنَّها منبع إيمان.
إنَّها حاضنة عقيدة
إنَّها حافظة عقيدة.
إنَّها مُدافِعة عن عقيدة.   
إنَّها تُراث يُحتذَّى
إنَّها الأميرة السِّت زهر أبي الَّلمع
كٓرَّم الله وجهها


فيصل المصري
أورلاندو / فلوريدا
٣٠ تموز ٢٠٢٠م.  

الثلاثاء، 28 يوليو 2020

المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها … آن أوانها ..

المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
هي المُدونَّة، لأنَّه آن أوانها

وتبقى أسئلة الأصدقاء والصديقات تنهال عليَّي
لماذا أعتبر في العديد من مُدونَّاتي وأبحاثي أنَّ مصيبة الإسلام العربي، تكمُن في مسلمي الأمصار والأقطار المتاخمة والبعيدة غير العربيَّة
ولماذا تعصُّبي لقوميَّتي العربية، وأنا بعيد في الغربة الغاربة. 
لماذا في مُدونَّاتي وأبحاثي أُصِر على وصف بعض المؤرخين العرب والبعض من فقهاء المسلمين العرب بالحُثالة

لماذا أعتبر أنَّ من يكتب في الاديان السماويَّة  ليس بالضرورة أن يكون شيخاً مُعممَّاً أو قسيساً أو كاهناً مُعتبراً بل إنساناً  مُفعماً بالإيمان

لماذا أعتبر أنَّ من يكتب في التاريخ ليس بالضرورة أن يكون مؤرخاً ( مأجوراً ) بل باحثِاً أو مُنقبَاً

ولماذا لا زلت أعتقد أن تدجين أو تهجين الشعوب غير العربية بالدين الإسلامي سبَّب أذيَّة للدول العربية كافةً.  

ولماذا اعتبرت أنَّ الوهَّن والهيبة والضعف بدأ يدِّب في الإمبراطوريَّة الإسلامية العربيَّة بعد ٩٠ سنة من القضاء على الخلافة الأمويَّة على يد أبناء العمومة من بني العباس، وبعد ٣٠٠ سنة من زوال الخلافة العباسيَّة وسقوط بغداد
ولماذا اعتبرت أنَّ مؤشِّر زوال الإمبراطوريَّات في التاريخ يكون بتدمير تراث الماضي وحرق الكتُّب وتدمير المكتبات إذا تضمنت ما يخالف الرأي السياسي أو الديني العقائدي
كما حصل
لمكتبة الإسكندرية عندما كتب عمر إبن العاص فاتح مصر  خطاباً إلى الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب يستشيره في أمر مكتبة الإسكندرية والكُتُّب، فأتاه أمر الخليفة :
"... وأمَّا الْكُتُب التي ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة بنا إليها ". 

وهكذا أمر عمرو بن العاص بتوزيع الكتب على حمامات الإسكندرية لاستخدامها في إيقاد النيران، وقد تجرأ بعض المؤرِّخين على تدوين مجزرة إحراق وتلف الكُتب
( القبطي في كتابه تراجم الحُكماء
شيخ المؤرِّخين المصريين تقي الدين المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار ). 
( والفهرس لإبن النديم ). 
( إبن خلدون في كتابه  مقدمة إبن خلدون ). 

وإن أنسى لا أنسى إلقاء سعد بن أبي  وقاص  كُتُّب الفرس في الماء والنار، وذلك بناء على أمر الخليفة  عمر بن الخطاب الذي قال :
" إن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه، وإن يكن ضلالا  فقد  كفانا  الله"  


وعندما أحرق حُكَّام وملوك وأُمراء الطوائف ( العرب ) بأوامر من الإستبلشمانت الإسلامية، كُتُّب عمالقتهم في الأندلس حيث  عُرفت بالتاريخ بمذبحة  العقل والمنطق والفلسفة وباقي العلوم

وكما جرى حرق وإتلاف وسرقة ونهب مكتبة دار الحكمة بالقاهرة بأمر من صلاح الدين الأيوبي إرضاءً للإستبلشمانت الإسلامية حيث أغلقوا باب العقل عند العرب وأحكموا الإقفال بالاصفاد والفتاوى المؤجِجَّة للجهل في الدين والدنيا

يكذب المؤرِّخون العرب ( القدامى والجدد ) إن قالوا عكس ذلك
ولهذا السبب وغيره
ولأن العرب أُمَّة  لا  تقرأ
هذا هو حالهم اليوم

وحتى أعطي الدليل القاطع أقول :
إقرأ مُدونَّاتي عن العرب قبل وبعد الإسلام
واقرأ مُدونَّتي عن سر العلاقة ما بين الامبراطورية الفارسيَّة، ( إيران اليوم ) واليهود حيث يتبين لك أنَّ الرأي الإيراني حول إسرائيل يقوم على الأسس ذاتها التي وضعها الإمبراطور قورش عند تحريره اليهود من السبي البابلي. 

واقرأ مُدونَّتي عن سر العلاقة ما بين الإمبراطوريَّة العثمانية، ( تركيا اليوم ) واليهود حيث يظهر لك أنَّ سمة وسياسة الأتراك في حكمهم للعرب هي الاحتقار والإهانة لقرون أربعة إنتهت يوم ٣٠ أيلول ١٩١٨م. عندما إحتل سلطان باشا الأطرش دمشق، ورفع العلم العربي فوق دار الحكومة. 

بعد كل هذا سيأتيك اليقين مِدراراً، لأنِّي لم أكُن يوماً  مُقتنعاً كما أنا عليه الآن من اقتناع، بأنَّ خِصال وأخلاق وعادات ونخوَة العرب الذين عاشوا قبل الإسلام، هي أقوى وأمضى وأجدى نفعاً ممَّا هي عليه سيرة وحياة حُكَّام عرب اليوم، بالرغم من مُصطلح الجاهلية الذي ظهر بعد الإسلام. 

بالإضافة إلى ذلك لم يتجرأ مؤرخو العرب قديماً وحديثاً على القول إنَّ مسلمي الأمصار انضووا في الإسلام لأسباب لا تمُتُّ للعقيدة أو الإيمان الصحيح، بل المستشرقون الأجانب صرَّحوا علانية أنَّ مُسلمي الأمصار القريبة كالفرس وبني عُثمان، اعتنقوا الإسلام ودخلوا هذا الدين لسبب واحد وهو أن يُمسكوا في بلاد العرب ويحكموا السيطرة على شعوبها، وما مجريات التاريخ في كل من بلاد فارس وبني عثمان إلَّا خير دليل على الأذى الذي طاول وما يزال يطاول الكيان العربي. 

إنَّه عصر الظُلُمات العربي الإسلامي الذي نعيشه بعد موجات مُسلمي الامصار والاقطار البعيدة وفتاويهم بتفجير تمثال بوذا وتكسير الصُلبان مِن الكنائس، وحتى تفجير وتهديم المساجد والمآذن العربية، ولم نسمع أنَّه في طول العراق وسوريا تمَّ هدم كنيس يهودي أو معلم من معالم النبي موسى عليه السلام. 

هذامن باب ما قل َّ .. ودل َّ.
وحتى أُنهي مُقدمتي هذه أُردِّد على مسامعكم ما قاله المؤرِّخ المقرِّي عن مِحنَّة الإمبراطوريَّة الإسلامية العربية  أثناء سقوط الأندلس والتي يُمكن تعميمها على الدول العربية الآن التي تنعم بالربيع العربي دون استثناء من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر إذ قال :
وبينما كان السلطان محمد الحادي عشر ( أبو عبدالله ) منصرف عن عاصمته غرناطة يوم ٢ كانون الثاني من العام ١٤٩٢م. حانت منه التفاتة أخيرة إلى ملكه، فتأوَّه وجرت عبراته ودمعت عيناه، فنهرته أمُّه وقالت :
يحق لك أن تبكي كالنساء مُلكاً لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال
إنَّها عبرة لمن يعتبر
إنْ بقيَت النخوَّة والكرامة العربية في نفوس وعقول الحُكَّام العرب الحاليين وخاصة في بلاد الشام حيث يجثم الربيع العربي الخانق على الشعوب المغلوب على أمرها، بدلاً مِن الملامَّة والخيبة والنفاق والكذب والتدليس والسرقة والفجور الفكري والأخلاقي

مِن
أُورلاندوا فلوريدا
فيصل المصري 
٢٨ تموز ٢٠٢٠م

هامش ذي دلالة حتى لا أتَّهم بعدم قول الحقيقة في كتابة التاريخ
أقول أنَّ  تعميم  مؤشر زوال الإمبراطوريَّات  نشهده الان في العالم الجديد ( الولايات المتحدة الأميركية ) حيث يجري تدمير تماثيل :
كريستوفر كولومبوس ( مكتشف أميركا ). 
جورج واشنطن ( مؤسس الولايات المتحدة الأميركية ). 
وغيره من معالم بحجة العنصريَّة

أمَّا في قادم الأيام من يدري …  
قد نشهد من يأتي لزوال حضارات كانت سائدة  قبل كريستوفر كولومبوس وقبل بدعة العنصرية التي شرحتها في مُدونَّة سابقة