Pages

الخميس، 30 أبريل 2020

فيروس الكورونا، ومنافع الحجر الإجباري

فيروس الكورونا … 
ومنافع الحجر الإجباري

المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :


يطيب لي أن أغوص بالتاريخ  في الأحوال العاديه، وما أدراك في موجة هيستيريا فيروس كورونا حيث طاب لي مقام الحجر الإجباري في فلوريدا وأنا أُراقب ولادة العائلات الحاكمة والميديا الكاذبة والشركات العملاقة عندما تمَّ ربط شرق الولايات المتحدة الاميركية بغربها فِي سكة حديد بعد الحرب الاهلية بالعام ١٨٦١م وما بعدها. وقد أطلقت على هذه الولادات بزوغ  فجر عُهر الإستبلشمانت في أميركا الذي ما زال يزرع بإحكام التسلُّط في الرقاب والعباد

لا يعتبَّن صديق أو يلومني أخٌ حبيب أنِّي نسيت في الحجز الإجباري العالم العربي من المحيط الأطلسي الذي كان هادراً  إلى الخليج العربي الذي سيبقى ثائراً رغماً عن أنف الفرس وزبانيته

قلت في نفسي من هو أصلح وأفضل من إبن خلدون حتى أستحضره  ليؤرِّخ ويكتب للاجيال اللاحقة عن أحداث ومجريات العرب بعد فيروس كورونا.

لم يمانع إبن خلدون في القدوم لانه جاب بلاد العرب كلها من الأندلس إلى حواضر بلاد الشام  وشمال أفريقيا وهو العليم البصير والقدير في أحوال  وتاريخ  هذه الشعوب

وإذا قيَّض له الحلول وقبل دعوتي فإنَّ عليه أن  يقابل ذوي الشأن فِي سُدَّة الحكم من رؤساء، ويلتقي مع جهابذة الإعلام العربي  المتجذر والمستقي مصادره من ينابيع الكذب

إنَّه  لا شك سيهرع  جزعاً خائفاً إلى أقبية المكتبات العريقة بحثاً عن كتاب السندباد البحري علَّه يجد خارطة  تدله الى جُزُر الواق واق  حتى يدلف هارباً مختبئاً   تجنباً  لتأريخ هذا الربيع العربي المزدهر بفصوله الأربعة ومحاذراً الالتقاء والاجتماع  بفحول المؤرِّخين الذين يكتبون كذباً بقرونهم ويغرسون الأرض بحوافرهم ليدونوا ويؤرخوا هذه الحقبة، لأنَّ غالبيتهم من حُثالة وأزلام الحُكَّام

المُدونَّة:
في لبنان، وما أدراك كان لبنان 
كان زهرة مدائن العرب
كان مأذنة العلم من جامعاته، لا من جوامعه
كان جرس الطب من مستشفياته، لا من كنائسه
كان الأمين على الودائع والأموال، لا سارقاً أو ناهباً كمصارف لبنان
كان قُبلة الشرق والغرب

احتار إبن خلدون من يُقابل  في خضَّم هذا السيرك المتنقِّل ما بين تلك التلَّة ( قصر  بعبدا ) المطلَّة على عاصمة لبنان بيروت، أو تلك الربوَّة ( السرايا الحكومي ) في قلب بيروت.

هذا السيرك قوامه خيرة المهرجين في هندسات السرقة ونهب المال العام، وأقدر النشالين من جيوب الناس
بعد كل استعراض يشرب المهرجين  والنشَّالين  نخب تعاسة الشعب اللبناني العنيد، كما في حالة رقصة شيطان الدولار والعفاريت الأخيرة.  
تاريخياً:
في بعبدا كان المُتصرف من حُثالة بني عثمان يقيم، وأوصى تلَّة بعبدا أن تكون مسكناً لصاحب الفخامة وقد أقام فيه قبل هذا العماد بعض الرؤساء

في ربوَّة بيروت شيَّد بني عثمان سجناً ومحكمة، وكانت على جوانب هذا البنيان مصاطب ( تعني مقاعديجلس عليها ( شهود الزور أو شهود المصطبَّة ) وأوصى حُثالة بني عثمان هذه الربوَّة  لتكون  مقراً لأصحاب الدولة وقد شغله قبل هذا البروفسور بعض المشايخ أبرزهم شيخ مال وولده شيخ طريقة

ولضيق المكان إنتقل ( شهود المصطبَّة ) أي نواب الأُمَّة إلى ساحة ساعة العبد ( البرلمان ) حيث يقيمون ويرعى شؤونهم سايسٌ له من العطوفة لقباً.  


ولمَّا سألت إبن خلدون عن ملوك وأُمراء لبنان :   
أقول وأردد
وإن أنسى لا أنسى عندما ذكَّرني إبن خلدون أنَّ ملوك وأمراء الأندلس تاهوا في أزِقةِ وشوارع مدن شمال أفريقيا حفاة عُراة  بعد سقوط الأندلس وطردهم من حواضرها وبلاط فلاسفتها، لأنهم إختلفوا في تقسيم المغانم والحواري والجواري بينما الفلاسفة العرب تقاسموا العلم والمعرفة والعقل وقاموا بتوزيعه على شعوب أوروبا ليخلقوا فِي أفئدتهم نيران الثورات المجيدة والاختراعات المفيدة

 لَمَّا سألت إبن خلدون عن ملوك وأُمراء الطوائف في لبنان
طأطأ رأسه.  
وهمُدَّت همَّته.  
وانحنت قامته.  
وشخُصَّت عيناه.  
وإشرأبت رقبته.  
وقال مُتحسِّرا ومردداً :

في الأندلس إختلف الملوك والأمراء على كل شيئ، وضاعت الأندلس
في لبنان إتفق الملوك والأمراء على كل شيء، والذي ضاع هو ( لبنان ينتفض ). 

نزلت دموع ذهبية من عيني  إبن خلدون … 
واختفى عن ناظرَّي … 
عائداً إلى مقام يليق به

وبكيت أنا ألماً على فراق الوطن
مُترحماً

فيصل المصري 
أُورلاندوا/ فلوريدا 
٣٠ نيسان ٢٠٢٠م

الأربعاء، 22 أبريل 2020

فرسان الهيكل، أو فرسان المعبد

فرسان الهيكل،  
أوفرسان المعبد
الملقبون بـالجنود الفقراء للمسيح

المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :

عندما تضرب الكوارث والمآسي  البشر في هذه المعمورة  سواء كانت : 
كوارث مالية سياسية أو حروب  أو أوبئة  فتاكة، تظهر إلى  العلن بعض المصطلحات والمسميَّات يكون القصد منها توجيه أصابع الاتهام أو الملامَّة الى هذه الفئات. 
مثلا : 
فرسان الهيكل. 
الماسونية. 
الإستبلشمانت العالميَّة. 
الإستبلشمانت الإسلامية. 
Cult.  أو طائفة دينية. 

شخصياً لا أستبعد توجيه أصابع الاتهام الى هذه الفئات، لأن ما يجري في الولايات المتحدة الاميركية اليوم من هيستيريا لهذا الفيروس جعلني أقوم  بنشر عدة مُدونَّات عن الحرب الضروس الدائرة ما بين الإستبلشمانت الاميركية والرئيس الحالي دونالد ترامب وهو خير دليل لمن ستؤول له الغلبة في نهاية المطاف. ولكن المفارقة التي قد تكسر المعادلة التاريخية هي المظاهرات والاعتراضات التي يقوم بها الشعب الاميركي في عدة ولايات على إستمرار تطبيق الحجر المنزلي والتوقف عن مزاولة الأعمال الذي أدى وسيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الأميركي الذي عمل جاهداً الرئيس ترامب على جعله من أقوى إقتصاديات العالم.   
منذ الحرب الأهلية الاميركية ( ١٨٦١م.  وما بعدها ) كانت الإستبلشمانت هي التي تختار الرئيس وعلى الشعب أن ينتخبه إلا في استثناءات قليلة جداً أهمها عندما وصل  ترامب بالرغم أنَّ الإستبلشمانت إختارت إبن أخر أباطرَّة الإستبلشمانت الرئيس جورج بوش الأب عن الحزب الجمهوري وهيلاري كلينتون عن الحزب الديموقراطي. 
( يراجع المُدونَّات الفيصليَّة لمعرفة أنَّ الإستبلشمانت هي على كلا الحزبين بإعتبارها عائلات وشركات عملاقة وميديا )

أمَّا فيما يتعلق بالعرب بعد الإسلام لم يتجرأ بعض المؤرخين العرب المسلمين على القول بأنَّ الإستبلشمانت الإسلامية قد تأسسَّت إبَّان الخلافة الراشديَّة  وترعرعت في العصر الأموي وقويت في العصر العباسي، وقد ذكر التاريخ كيف كانت تتصرف الإستبلشمانت الاسلامية تاريخياً :
من الأمثلة، تمَّ إحراق :
مكتبة الإسكندرية :
عندما كتب عمر إبن العاص فاتح مصر  خطاباً إلى الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب يستشيره في أمر مكتبة الإسكندرية والكُتُّب، أتى رد عمر بن الخطاب وفيه :
"... وأمَّا الْكُتُب التي ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة بنا إليها ". 
وهكذا أمر عمرو بن العاص بتوزيع الكتب على حمامات الإسكندرية لاستخدامها في إيقاد النيران وقد إستمر إحراق الْكُتُب ستة أشهر.  

ومكتبة الحاكم بأمر الله في القاهرة ( دار الحكمة ) أمر بحرقها وتدميرها وإتلاف كتبها صلاح الدين الأيوبي من حثالة مسلمي الأمصار والأقطار البعيدة. 

وكيف ذُبح العقل في الأندلس.  
كل ذلك تطبيقاً وتنفيذًا  لفتاوى فقهية صادرة عن الإستبلشمانت الإسلامية. 
يراجع في ذلك ( المُدونَّات الفيصليَّة )

في هذه المُدونَّة سأبحث في ( مصطلح ما يُعرف بإسم فرسان الهيكل أو المعبد ).  
في المُدونَّة : فرسان الهيكل. أو المعبد. 
تاريخياً يُعتبر تنظيم فرسان الهيكل من أقوى التنظيمات العسكرية التي تعتنق الفكر المسيحي الغربي وأكثرها ثراءً  ونفوذاً . دام  نشاط هذا التنظيم  قرابة  قرنين من الزمان في العصور الوسطى بدءً من العام ١١٢٩م. وبمباركة من الكنيسة الكاثوليكية.  

التسميَّة، فرسان الهيكل :
جاءت التسمية ( فرسان الهيكل ) بعد أن جهَّز الملك بلدوين الثاني ملك القدس، والبطريرك ورموند بطريرك كنيسة اللاتين في القدس مقراً لهم في جناح من القصر الملكي في جبل الهيكل في المسجد الأقصى المحتل.
كان لجبل الهيكل قدسية خاصة لما يقال عن استقراره على أنقاض معبد سليمان وقد إعتاد الصليبيين الإشارة إلى المسجد الأقصى بمعبد سليمان، و منه وسم التنظيم نفسه بالجنود الفقراء للمسيح ومعبد سليمان وارتبط اسمهم بالمعبد أو الهيكل فنعتوا أنفسهم ب " فرسان الهيكل ".

تجدر الإشارة هنا إلى أن أحد أبرز انتصارات فرسان الهيكل كانت في معركة الرملة، حيث ساهم نحو 500 فارس من فرسان الهيكل بشكل فعال في دعم جيش الصلبيين البالغ بضعة آلاف وإلحاق الهزيمة بجيش صلاح الدين الأيوبي  البالغ 26000 جندي.

معركة حطين عام 1187، الحدث الحاسم في الحملات الصليبية.
بدأت الطاولة تنقلب على فرسان الهيكل في منتصف القرن الثاني عشر حيث بدأ العالم الإسلامي يتوحَّد من جهة، وتنامي بذور الخلاف بين الطوائف المسيحية حول الأراضي المقدسة من جهة أخرى، حيث أدت هزيمة فرسان الهيكل في العديد من المعارك إلى استعادة المسلمين  القدس عام 1187 في معركة حطين الحاسمة.
بعد ذلك بفترة استولى الصليبيون على القدس مرة أخرى عام 1229 دون الحاجة لفرسان الهيكل. 


في زي فرسان الهيكل :
كان الزَّي لأفراد هذا التنظيم هو الحِلَّة البيضاء المميزة بالصليب الأحمر، وكانوا من أخطر وأقوى الوحدات العسكرية المشاركة في الحملات الصليبية
يعتبر الصليب الأحمر الذي يرتدونه رمزاً للتضحية، وحسب معتقداتهم أن الموت في المعارك يعتبر شرفاً عظيماً يضمن لهم مكاناً في الجنة، وحسب التعليمات الصادرة عن الكنيسة كان على المحاربين عدم الاستسلام إلا إذا سقطت جميع أعلام فرسان المعبد عندها يسمح لهم بالانسحاب من أرض المعركة، كان هذا المبدأ لا هوادة فيه فهو إلى جانب السمعة العالية للشجاعة والتدريب المميز والأسلحة الثقيلة، جعلت من فرسان المعبد واحدة من القوات المقاتلة الأكثر رعباً في العصور الوسطى.

وقد تضاف الى خطورة هذا التنظيم وجبروته أنَّه يعزى إليه الفضل في ابتكار بعض :
الطرق المالية التي تعتبر بمثابة الأعمدة الأولى لأنظمة المصارف والبنوك وصولاً الى عصرنا الحالي، بحيث تطبَّق  ذات الأساليب في سرقة مدخرات الشعوب. 
يذكر تاريخ فرسان الهيكل  كيف تنامت مقدرتهم الاقتصادية عن طريق بث الحماسة الدينية  من أجل جمع التبرعات المباشرة  من المتعصبين والنبلاء المتحمسين  للمشاركة في الحملات الصليبية، حيث كانوا يسندون إدارة جميع أصولهم المالية إلى أعضاء التنظيم ريثما يعودون منها. 
وعلى هذا المنوال تراكمت ثروات طائلة لدى فرسان الهيكل من كل بقعة من بقاع العالم المسيحي ومناطق ما وراء البحر. 
وفي عام 1150 بدأ التنظيم في إصدار صكوك الاعتماد المالية للحجيج المسافرين إلى الأراضي المقدسة.
استند نظام الصكوك هذا على مبدأ الأمانات، حيث كان الحاج يترك مقتنياته القيمة أو أمواله لدى أمين من أعضاء التنظيم قبل سفره ويستلم بدلا عنها وثيقة تحتوي على قيمة ما أودع بشكل صك تسلم هذه الوثيقة في الأراضي المقدسة و بها يستلم الحاج ما يساوي قيمة وديعته.
ربما يكون هذا الابتكار هو الصورة الأولية للنظام المصرفي الحديث وكذلك أول نظام مالي يعتمد رسميا على استخدام الصكوك. نجح هذا النظام في إثراء خزائن التنظيم المالية.
أدى هذا المزيج من التبرعات  والمعاملات المالية بالمحصلة النهائية  إلى تحكُّم فرسان الهيكل في شبكة اقتصادية بالغة القوة والاتساع في جميع أنحاء العالم المسيحي، فامتلكوا الأموال الطائلة والمساحات الشاسعة من الأراضي في كل من أوروبا والشرق الأوسط، وكذلك امتلكوا المزارع وحقول العنب وتولوا إدارة غيرها وشيدوا الكنائس والقلاع والحصون كما عملوا في الصناعة والاستيراد والتصدير وامتلكوا أسطولهم البحري الخاص، حيث خضعت مدينة قبرص في فترة من الزمان بالكامل إلى سيطرة التنظيم. 
واستناداً إلى ما سبق، يدرج بعض المفكرين تنظيم فرسان الهيكل على أنه أول مصرف  له عدة فروع، ومنه نشأت فكرة المصارف. 
( يراجع في أوجه الشبه ما بين العمل المصرفي الان، وما كان معمولاً به في فترة فرسان الهيكل )

نهاية تنظيم فرسان الهيكل :
عندما لحقت الهزيمة بالحملات الصليبية في القدس، خسر التنظيم كثيراً من الدعم ومنذ ذلك الوقت شاعت الأقاويل حول ( الاجتماعات والاحتفالات السرية التي يعقدونها ). 
قام فيليب الرابع ملك فرنسا واستغل هذه الفرصة حيث أثقلته ديونه المالية باعتقال  الكثير من أعضاء التنظيم في فرنسا في ١٣ تشرين الأول من سنة ١٣٠٧م. وجرى إعدامهم. 
وبعد ضغط من الملك فيليب الرابع ملك فرنسا قام بابا روما  كليمنت الخامس بحل التنظيم في العام ١٣١٢م.

أخيراً :

 بقي إسم فرسان الهيكل حياً حتى يومنا، وما زال هذا التنظيم يشار اليه في الكوارث المالية التي تضرب الدول التي وقعت تحت وطأة الديون  وأرهقت الشعوب وخسروا مدخراتهم في المصارف والبنوك. 
ولكن لا بد من الإشارة الى أنَّه لا يوجد هناك إثبات تاريخي حول وجود صلة بين جماعة فرسان الهيكل (التي تم حلها وتفكيكها في الكنيسة الكاثولوكية عام 1309 ) وأي تنظيمات حديثة، وقد ظهر من يدِّعي بالوقت الحالي بالرغم من مرور عدة قرون أنَّ هذا التنظيم يعود الى فرسان الهيكل مستندين في ذلك الى مقولة الاجتماعات السرية المذكور سابقاً.

فيصل المصري 
أُورلاندوا / فلوريدا 
٢٣ نيسان ٢٠٢٠م. 


يتبع هذه المُدونَّة :
( الماسونية عبر التاريخ )
وما قيل ويقال عن الماسونية