Pages

الجمعة، 28 فبراير 2020

الموحِّدون الدروز والمِحَّن والمعارك الحربية من أجل البقاء

الموحِّدون الدروز :

ومحنَّة الدَّجَّال . ( ١٠٢١ حتى ١٠٢٦م ).  
ومعركة الأقحوانة …….   ( ١٠٢٩م  ). 
ومِحنَّة أنطاكيا …….…..  ( ١٠٣٢م ).    
ومعركة عكار ...   ( ١٥٤٨م )
ومعركة عين داره .…...   ( ١٧١١ م. ). 


المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها : 


بعد أن نشرت مُدونَّتي عن معركة عين داره وأثرها على تشتُّت العائلات الدرزيَّة من لبنان وإنتقال الإمارة من الأسرة المعنيَّة الدرزيَّة الى الاسرَّة الشهابية السنيَّة، طلب بعض الأصدقاء نشر مُدونَّة عن المحَّن التي تعرَّض لها الموحِّدون الدروز عبر التاريخ.  
أوَّد بادئ ذي بدء التوضيح أنَّ المُدونَّة هي قراءات وأبحاث أقوم بها ومن ثمّّ  أُلخصُها في مُدونَّة، بمعنى أنَّها ليست كتاباً. 
هذه المُدونَّة هي إلقاء ضوء على مِحنَّة أنطاكيا، وقبلها مِحنَّة الدجَّال وما بينهما معركة الأقحوانة ومن ثم معركة عكار في لبنان ( الحالي )    
يقول إبن الأثير المِحنَّة هي إمتحان وإختبار على البلاء والإبتلاء. وهذا ما  
إعتاد عليه الموحِّدون الدروز منذ ألف عام تقريباً على إختبار بلاء الفِتَن والدسائس التي حيكَت ضدَّهم، ولكن وبالرغم من قسوَة وظلم هذا البلاء بقيَت صورة النشاط النفسي لديهم، المُتمَثِّلة في فطرَة البقاء على قيد الحياة لهم ولسلالاتهم من بعدهم، تُراقُ حولها الدماء بسخاء حفاظاً على العرض والأرض.

في المُدونَّة :   

بعد غيبة الحاكم بأمر الله في ليلة ١٢ / ١٣ شباط من سنة ١٠٢١م. بويع  بالخلافة الفاطمية علي الظاهر لأعزاز دين الله. 
ما إن إعتلى الخلافة حتى بادر إلى اضطهاد الموحِّدين الدروز  ناكثاً للعهد الذي قطعه على نفسه للحاكم بأمر الله . وظهر عزمه وقراره على مناصبتهم العداء بإعلان السجِّل العدائي علانية ضدِّ الموحِّدين، وجاء في هذا السجل  :
( إنَّ جميع من خرج منهم عن حد الأمانة والعبودية لله عز وجل فعليهم لعنة الله ولعن اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، وأنه قد قدم إنذاره لهم بالتوبة إلى الله تعالى من كفرهم ومن اقام منهم على كفره فسيف الحق يستأصله )
كان هذا السجل إيذانا ببدء المِحنَّة على الموحِّدين الدروز  وهدر دمهم، وقد جرى تعريفها عند الموحِّدين الدروز  باسم محنة الدجَّال التي وقعت في الفترة الممتدة بين السنوات 1021 1026.
وعلى جري عادة بعض الفقهاء المأجورين للسلطة في التاريخ الاسلامي، 
( وما زالوا حتى تاريخه ) قام بعضهم بإعطاء فتوى للخليفة الظاهر بأن هؤلاء الموحِّدين من أتباع الحاكم بأمر الله، يعتبرون أنَّ الخلافة والإمامَة الفاطميَّة إنتهت بالحاكم بأمر الله، وإنتقلت في الأوَّل من محرَّم من عام ٤٠٨ هجري إلى حمزة بن علي، المُلقَّب بإمام الزمان.  

وبناء على هذه الفتوى وغيرها، وبعد أربعين يوماً  على إحتجاب  الحاكم  بأمر الله، بدأت عمليات  التنكيل والاضطهاد والتعذيب  ضد الموحِّدين الدروز   وسفك  دمائهم  في  أنحاء  ارض  الخلافة ..
يقول الدكتور عباس أبو صالح  والدكتور سامي مكارم إن السبب الحقيقي لاضطهاد الخليفة الظاهر للموحدين هو أنهم لم يعترفوا بالظاهر إماماً لهم، والإمامة الفاطمية انتهت حسب معتقدهم بالحاكم بأمر الله الذي سلمها في الأول من محرم سنة 408 هجرية إلى حمزة بن علي وقد لقَّبه بإمام الزمان، ولذلك كان الموحِّدون الدروز في نظر الخليفة الظاهر خارجين عن طاعته لا يعترفون بإمامته، وبالتالي لا يدينون له بالولاء. ومن هنا كان لا بد له من استئصالهم بالسيف.  

بدآ الخليفة الظاهر باتخاذ شتى أنواع الاضطهاد والتعذيب والتنكيل ضد الموحِّدين الدروز وهدر دمائهم في مختلف أنحاء مملكته ودامت فترة الاضطهاد هذه نحو ست  سنوات وإستمر البلاء وبقيت غريزة  البقاء  بالصبر والثبات حتى أواخر سنة  416 هجرية أو 1026 م. وقد أطلق رجال الدين الدروز على هذه المِحَّنة ( مِحنَة الدَّجَّال )
بقي الموحِّدون الدروز على صبرهم وثباتهم أمام اهوال هذه المحنة. وبالرغم من أنهم لم يتمكنوا من مجابهة اضطهاد الظاهر لهم عسكريا والوقوف دون بلوغ مآربه منه فقد صمدوا في وجهه وتقبلوا هذه المِحنَّة  بصبر وثبات بفضل عقائدهم التوحيدية وإيمانهم الراسخ بها. 
وبقيت دعوة التوحيد معلقة طيلة هذه الفترة ومع انتهاء المِحنَّة  عادت الدعوة إلى سابق عهدها من النشاط.

معركة الأقحوانة :   

بعد ثلاث سنوات من مِحنَة الدَّجَّال وقعت معركة الأقحوانة  في اليوم الثاني عشر من آذار عام 1029  او ٤٢٠ هجرية، في سهل الأقحوانة جنوبي بحيرة طبرية بين الموحِّدين الدروز، بقيادة القائد انوشتكين الدزبري ( من قوَّاد الدولة الفاطمية )، والأمير رافع بن أبي الليل ضد أعدائهم الفاسدين أفسقهم صالح بن مرداس الذي قُتل في هذه المعركة.  
كان أنوشتكين الدزبري  مُخلصاً للخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله حيث أمره بإحتلال دمشق ثم طلبه إلى مصر ولزم الخدمة ليصبح والياً على بعلبك  ثم ولاية قيساريا وبعدها ولاية حلب. 
يقول المؤرخ سليم أبو إسماعيل عن معركة الأقحوانة أنَّه  سهل بجوار مقام النبي شعيب ( المُبجَّل والمُكرَّم لدى الدروز عامة وبالأخص دروز فلسطين ) والقائم في الاقحوانة ما بين طبريه وحطين. 
يراجع مُدونَّتي الموحِّدون الدروز والنبي شعيب عليه السلام، وكيف تمكَّن فضيلة الشيخ المرحوم أمين طريف من تثبيت ملكية الارض للطائفة الدرزية ).  

محنة أنطاكية وحلب :
كانت القوى المتصارعة على السيطرة والحكم في منطقة حلب وأنطاكية في شمال غرب بلاد الشام مكوّنة من الفاطميين والبيزنطيين وأمراء القبائل المحلية. بعد مقتل صالح بن مرداس في معركة الأقحوانة ( قرب طبريا سنة 1029 م ) تسلم قيادة المرداسيين ابنه نصر بن صالح بن مرداس الذي عمل على اضطهاد الموحِّدين  الدروز في جبل السماق قرب حلب بعد أن اصبحوا قوة سياسية وعسكرية من شأنها ان تهدد نفوذ البيزنطيين في المنطقة. 
في سنة 1032م.  بادر البيزنطيون بالاعتداء وألقوا  القبض على دعاة الموحِّدين الدروز  وقتلوهم مما جعل باقي الموحِّدين  يفرّون إلى تحصيناتهم ومغاورهم في الجبال حيث تمَّت محاصرتهم وهم  في مغاورهم وبقي القتال مدة 22 يوماً. 

طلب الموحِّدون الدروز الأمان وخرجوا من تحصيناتهم، ولكن تتبَّعهم البيزنطيون ونصر بن صالح بن مرداس وقتلوا منهم بالآلاف. 

مات الخليفة الظاهر سنة 1036 واعتلى الخلافة الفاطمية بعده أبو تميم معد المُلقَّب  بالمستنصر لدين الله، وكان لتغيير سياسة الفاطميين في هذا العهد الجديد أن عادت دعوة التوحيد في وادي التيم وجبل لبنان وفلسطين ودمشق وجوارها إلى سابق عهدها واستطاعت ان تسفر وتكشف عن وجهها.
واقتضت مصلحة الموحِّدين الدروز أن يوالوا الخليفة الجديد حرصاً على سلامة الدعوة وأملا بأن تواصل مسيرتها بعد ان اصابها ما اصابها في عهد الخليفة الظاهر من الصعوبات والعراقيل. 
جهَّز القائد الفاطمي الدزبري جيشاً من أجل قتال نصر بن صالح بن مرداس والي حلب. 
بعد احتلال الفاطميين حلب  وانتصارهم على المرداسيين نعم الموحِّدون الدروز بفترة من الهدوء والاستقرار. 
بقيَّت الدعوة لمذهب التوحيد مستمرة وواصل الدعاة  نشاطهم  يأخذون المواثيق على المستجيبين حتى سنة 1043 م حين توقفت الدعوة وودع أقطابها الموحِّدين  بعد أن أوصوهم بحفظ أصول الدين وتعاليم الموحِّدين. 

لم يكن تثبيت اقدام الموحِّدين في بلاد الشام بالأمر السهل، فقد جابهوا الكثير من الصعوبات والعراقيل وتعرضوا إلى محاولات إفناء وإبادة ذهب ضحيتها الآلاف منهم وكادت أن تقضي عليهم.  
حافظ الموحِّدون الدروز على عقيدتهم بالكتمان وهاجر الكثير منهم إلى الجبال المرتفعة الخالية من السكان وكان عددهم في منطقة انطاكية وحلب ( الجبل العلى او جبل السماق ) لوحدها يقدَّر بسبعمائة ألف نسمة في السنوات الأولى للدعوة قبل بدء المحن والكوارث. وبقي حتى أيامنا هذه في تلك المناطق بعض القرى التي يسكنها الدروز مثل كفتين، علاتا، عرشين، جدعين، معرة الإخوان، البير، كفر بنى تلثيثا.
يؤكد المؤرخ سعيد الصغير أن ما حدث في منطقة حلب وأنطاكية حدث كذلك في قرى جبل صفد والكرمل وشاغور عكا ومنطقة طبريا وغيرها من المناطق التي استجاب سكانها لدعوة التوحيد وتواجد فيها الموحدون الدروز منذ القدم.


مِحنَّة  عكار  بالأراضي اللبنانية :  سنة ١٥٨٤م. 

في سنة 1584 سلب مجهولون الأموال الأميرية المجباة من مصر وهي بطريقها إلى خزينة السلطنة العثمانية  في اسطنبول في منطقة عكار بالأراضي اللبنانية.
وكعادة حثالة بني عثمان وسلطنتهم في عدائهم التاريخي للدروز، قاموا بتجهيزحملة قوامها عشرين ألف مقاتل بقيادة حاكم مصر لكسر شوكة السيادة الدرزية في لبنان واستئصال الأمراء المعنيين. 
إنضم الى هذه العداء  الكثير من الحكام والولاة في بلاد الشام الناقمين على الأمراء الدروز تحت  شعار :
 " القضاء على الرافضين الدروز".  
وصل عدد ضحايا حادثة عكار إلى عشرات الآلاف، هذا بالإضافة إلى الدمار والخراب الذي حل في البلاد وقضى على عشرات القرى الدرزية الآمنة.

معركة كسروان من لبنان :

يقول المؤرخ  اللبناني  الدكتور فيليب  حتي،  في مؤلفه ( تاريخ  العرب ) إنَّ عدد  ضحايا  مجزرة  فتوى إبن  تيميَّة ( عاش في الفترة  ١٢٦٣ / ١٣٢٨م. ) لأسياده  المماليك  بضرورة  ضرب الدروز، وأبادتهم  في المناطق  التي تخضع  لسيطرتهم في  منطقة  كسروان  من  لبنان  بلغت  خمسة عشر ألفا ً من الدروز. 

بينما  المؤرخ  اللبناني  الدويهي، أكد  بان  الضحايا  تجاوز الخمسين  ألفاً من الدروز الأبرياء  العزَّل، كالنساء، والأطفال، والعجزة  المسنين ..
يراجع بذلك مدونتي الموحِّدون الدروز وغريزة البقاء، بالرغم من الفتاوى والمِحَّن التي واجهتهم. 


 - الخاتمة ..

هذا هو حال  التهم الباطلة والكاذبة والدسائس والأحقاد الموجهة للموحِّدين الدروز.  دائماً  وأبداً كانت الفتاوى الفقهية  سبباً لهذه المصائب والكوارث  في الماضي والحاضر.
كان  يقول  الشيخ  محمد  عبدو الذي  عاش  في  الفترة ما  بين ١٨٤٩ حتى  وفاته  ١٩٠٥ ( يؤلمني تقهقر الاسلام، ويحِّز في  نفسي )  ..

كان  يدعو  الشيخ  محمد  عبده، إلى إحياء الدين الاسلامي  سياسياً وعقلياً، ولا  يعتبرأنَّه يوجد  تناقض  أساسي  بين  الإسلام والعلم الحديث، وفسَّر بعض  الآيات  القرآنية  تفسيراً عقلياً، وأدرك  قصور الطريقة  المدرسيَّة  الاسلامية ..

ماذا  كان  جزاء  الشيخ  محمد  عبدو ؟..
النفي  إلى  سوريا ..
وما  زال  يتساءل  العربي، وأنا  منهم  ..
لماذا، وكيف  وقع  الربيع  العربي  بالقرن  الواحد والعشرين ..
أم  ما  زلنا  نحن  العرب نعيش في  قرون مضَّت ..
نُلصق  بَعضُنَا  البعض  بتِهَم …
ونسأل  بَعضُنَا  البعض ما هو دينك، وما  هو مذهبك، وما  هي  مِلَّتك ..
وإن  كنت  من  غير  ديني أو  مذهبي  أو ملتي ..
أنت زنديق وكافر وباطني  وقرمطي والخ.  .. 

فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا 
٢٩ شباط ٢٠٢٠م. 






الخميس، 20 فبراير 2020

الموحِّدون الدروز بعد موقعة عين داره المشؤومة بالعام ١٧١١م


الموحِّدون الدروز بعد موقعة عين دارة المشؤومة بالعام ١٧١١ م

المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :
بادئ ذي بدء
لا يسعني إلا أن أشكر الأصدقاء الأعزاء الذين قرأوا مدونتي ( الموحِّدون الدروز وحُثالة بني عثمان ) وشاركوا في نشرها على صفحاتهم بأعداد لم أكن أتوقعها حيث بلغني إحصاء غوغل أنَّ عدد قُراء هذه  المُدونَّة بلغ في يومين أكثر من 
٢٠٠٠  قارئ بالترتيب العددي ( أميركا، لبنان، سوريا، الإمارات العربية المتحدة،  فلسطين، السعودية، كندا، الأردن  ومصر ). 
كذلك لا يسعني إلا أن أشكر كل الذين تفضلوا فأجزلوا في  تعليقاتهم  وأخص بالذكر الشيخ حسيب مكارم من بلدة رأس المتن ( لبنان  في صفحته أقليات  قلقة في الشرق الأوسط ) الذي أكرمني  في تعليق  فاق طموحي  بأشواط فيما كنت أصبو اليه  عندما بدأت  أكتب وأنشر على صفحة غوغل الوثائقية عن الموحِّدين الدروز.

دائماً كانت مُدونَّاتي تهدف إلى تصويب التاريخ والرد على الافتراء  الذي رافق الموحِّدين الدروز منذ وصولهم إلى وادي التيم في بلاد الشام حيث أقاموا وما زالوا.  

دائماً كنت أُطالب الإستبلشمانت الدينية الدرزيَّة في بلاد الشام وما زلت، أن  تقوم  بتشكيل وفد رسمي رفيع المستوى من رجال دين ورجال إختصاص لزيارة مصر ( مسجد الحاكم بأمر الله ودار الحكمة كبرى مكتبات العالم قاطبة ) للوقوف على ما قاله المؤرخ إبن أبي طي أنَّها من عجائب الدنيا، خاصة وأن الدروز عامة يهمهم معرفة الأمكنة الدينية التي يعود الفضل فيها للحاكم بأمر الله المُقدَّس سِرَّه.    
وقد سبقنا في ذلك طائفة البُهرة من الهند ( أصلهم من الفاطميين ) في عهد الرئيس أنور السادات أن توَّلوا  القيام بتحسينات وما زالوا حتى يومنا  في مسجد الحاكم بأمر الله على نفقتهم الخاصة

دائماً كان يردني رسائل من الإخوة الدروز في بلاد الشام تعليقاً على مدوناتي، هذا يقول  أنا سوري ولكن جدي قدِم من لبنان واستوطن هنا. وأخر يقول أنا أردني ولكن أصولي من عائلة كذا في لبنان، وأخر يقول  أنا فلسطيني ولكن لي أقارب وجذوري لبنانية.
دائماً كنت أعود إلى أخي فاروق محمد المصري المقيم في لبنان والذي كان إهتمامه معرفة  العائلات الدرزيَّة التي استوطنت بلاد الشام ( سوريا الاردن وفلسطين ) وتعود بأصولها وجذورها إلى عائلتنا ( آلِ المصري الموجودة في صليما والقلعة وعاليه والمريجات وبعقلين ). 
قام الأخ فاروق مشكوراً بتأليف كتاب ( عائلة آل المصري جذورها وفروعها ) الطبعة الأولى ٢٠١٩م. حيث تبين أنَّ عائلات هنيدي، بريك، مقلد، قصوعة، عويدات ( السورية ) تعود بأصولها إلى عائلة آل المصري من لبنان.  

هذه المُدونَّة  قصدت منها وأنا ( أعشق البحث والتمحيص التاريخي ) والمقيم في بلاد الإغتراب، أن أسبر غور تاريخ عائلات الموحِّدين الدروز في بلاد الشام وأرضي شغفي لأعرف مسببات هذه الهجرة والتهجير
سواء كانت من أجل لقمة العيش ( بعد الحرب العالمية الأولي ). 
أو بسبب إقتتال أخوي أو عائلي ( تطبيق عقوبة الإبعاد من القرية ). 
أو بعد الثورات والحروب الأهلية  ( لبنان ١٩٥٨ / ١٩٧٥ م. ).
وإن كان أهمُّها  قاطبةً معركة عين دارة المشؤومة.  

هذه المُدونَّة  قصدت منها التشجيع من أجل لمِّ الشمل لهذه العائلات عن طريق التعارف  والمصاهرة والتقارب لأن الأوضاع التي تعصف بمنطقة بلاد الشام تستدعي التكاتف والتعاضد عن طريق  قربى الدم والعائلة.

وكما قدَّمت  كتاب أخي فاروق المشار اليه وذكرت ( قلَّما وقع نظري على كتاب يتضمن تاريخاً لعائلة درزية سكنت هذا الجبل ( لبنان ) ومردُّ ذلك أنَّ الكتابة عن تاريخ العائلات الدرزية اقتصرت فقط على العائلات ( الإقطاعية ) التي حكمت هذه البلاد. فإنَّه يحدوني الأمل أنَّ تحذو باقي العائلات بتدوين تاريخها وجذورها وفروعها خارج لبنان.   

في المُدونَّة
معركة عين دارة المشؤومة، هي سبب من أسباب هجرة وتهجير وانقسام العائلة الواحدة.  

معركة عين دارة المشؤومة تعتبر الانتكاسة الثانية في  الطائفة الدرزية بعد محنة الدّّجَّال.  
معركة عين دارة هي الحرب  الأهلية  الواحدة وعسى أن تكون الأخيرة بين الدروز.
معركة عين دارة هي حرب قتل الأخ أخاه
معركة عين دارة أسدلت الستارة  عن  إمارة درزيَّة ( في لبنان ) دامت سبعة قرون من الحكم الذاتي القوي.
معركة عين دارة وما تلاها من انقسام أدَّى إلى ضعف النفوذ الدرزي  السياسي والاقتصادي والعددي في  لبنان.   
معركة عين داره  الغرض منها  تنفيذ خطَّط سلطنَّة  بني عثمان مع الأمير حيدر الشهابي  ( السنِّي ) من أجل إضعاف الأسر المقاطعجية  ( الدرزيَّة  ) الواحدة تلو الأخرى  حيث تبين لهذه الأُسر بعد حين قذارة  المؤامرة على الدروز  وكانت لهم  …  ( لات  ساعة مندم  ).
معركة عين داره أدَّت إلى إنتقال الإمارة من الأسرة المعنية الدرزيَّة إلى الأسرة الشهابية السنيَّة نهائياً بعلم وموافقة  السلطنَّة العثمانية

معركة عين داره تبقى وصمة عار في جبين السلطنَّة العثمانية البغيضة والبائدة حتى نهاية الكون لأنها كانت تقوم بتغذية الغرضية ( قيسية / يمنية ) في نفوس رؤساء وشيوخ  العائلات  الدرزيَّة التي كانت تسود في وقتها طالبة الرضى الرخيص من الباب العالي وقد أدَّى هذا الرضوخ المُذِّل إلى معركة ما بين الأخ وأخاه قصمت فيه ظهر الدروز وما زالت تداعيتها تظهر في بلاد الشام حيث العائلة الواحدة تقيم في عدة دول.  

لن أدخل في متاهات هذا الخلاف  لأنَّه يزيد في  نكأ الجراح، بل أقول أنَّ الانقسام أدَّى إلى معسكرين  (يزبكي وجنبلاطي ) ما زالا يزيدان في ثخونة  الجراح والعمل على إضعاف البنيان بدل بلسمه، بدليل العمل الدؤوب على هزالة التمثيل الدرزي في حكومات لبنان بعد رحيل كل من كمال بك جنبلاط والأمير مجيد أرسلان  طيَّب الله ثراهما
وإن أنسى لن أنسى رحيل سلطان باشا الاطرش في  سوريا الذي كانت له صولات وجولات في تحرير سوريا من مناكيد الحثالة العثمانية ومن نجاسة الانتدابين الإنجليزي والفرنسي. ( بالإذن من المتنبي في قوله ل كافورأنجاس مناكيد ).
وإن أنسى لن أنسى رحيل فضيلة الشيخ أمين طريف  في فلسطين الذي حافظ على كرامة العرض والتشبث في الأرض رافضاً مذلَّة اللجوء، وما اجتماعه الشهير مع سلطان باشا الأطرش يوم ١٥ / ٦ / ١٩٤٨م. إلا خير دليل على ما أقول.   


كان رحيل العمالقة فسحاً في المجال لتغليب مقوَّلة العقدَّة  الدرزيَّة  في حكم لبنان بعد  أن كان أحد زعماء هذه الطائفة يقول لهذا كُن ْ رئيساً، فيكُّنْ.   

قبل الدخول في محنة ومعركة عين دارة سألقي نظرة خاطفة على محنة  الدَّجَّال أوَّل المِحَن.   
 مِحنَة الدَّجَّال 
منذ غياب أو احتجاب الحاكم بأمر الله ليلة ١٢ شباط سنة ١٠٢١ بدأت المحن.   
بُويع بالخلافة الفاطمية، الحسن المُلقَّب بالظاهر لإعزاز دين الله.  
ما أن اعتلى الخليفة العرش، حتى بادر إلى اضطهاد الموحِّدين  ناكثاً للعهد الذي قطعه على نفسه أمام وفِي حضرة الحاكم بأمر الله. 
قام الخليفة الظاهر بإعلان السجِّل العدائي علانية ضد الموحِّدين، 
وجاء فيه :
إنَّ جميع من خرج منهم عن حد الأمانة والعبوديَّة لله عزَّ وجل، فعليهم لعنة الله ولعن اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، وأنه قد قدَّم إنذاره لهم بالتوبَة إلى الله تعالى من كفرهم، ومن أقام منهم على كفره فسيف الحق يستأصله.  
وعلى جري عادة بعض الفقهاء المأجورين للسلطة في التاريخ الإسلامي، قام بعضهم بإعطاء فتوى للخليفة الظاهر بأنَّ هؤلاء الموحِّدين من أتباع الحاكم بأمر الله، يعتبرون أنَّ الخلافة والإمامة الفاطميَّة إنتهت بالحاكم بأمر الله، وانتقلت في الأوَّل  من مّحرَّم  من عام ٤٠٨ هجري إلى حمزة بن علي، المُلقَّب بإمام الزمان. 
وبعد أربعين يوماً على احتجاب  الحاكم  بأمر الله، بدأت عمليات  التنكيل والاضطهاد والتعذيب  ضد الموحِّدين  وسفك  دمائهم  في  أنحاء  ارض  الخلافة.  
دامت المحنة  ست سنوات واستمر البلاء  وبقيت غريزة  البقاء  بالصبر والثبات حتى أواخر سنة  416 ه أو 1026 م ..
وقد أطلق رجال الدين الدروز على هذه المِحَنة ( مِحنَة  الدَّجَّال ) وكان القدوم والهجرة القسريَّة إلى وادي التيم

معركة عين داره :
 وقعت في عام 1711 بين قوات اليمنيين بقيادة الشيخ محمود أبو هرموش وأمراء آل علم الدين، وبين المعسكر القيسي الذي ضمَّ  رجال الإقطاع الدروز من أبناء آل القاضي والتنوخيين وآل نكد وجنبلاط وعبد الملك وتلحوق.  

وقعت معركة عين دارة  في سهل قريب من بلدة عين دارة، حيث تقاتل الدروز  ( القيسيون من جهة  بقيادة الأمير حيدر الشهابي ) و ( اليمنيون بقيادة محمود أبو هرموش ). 
كانت الغلبة للقيسيين  وسقط من القتلى ثلاثة من أمراء آل علم الدين، وقبض الأمير حيدر الشهابي على أربعة أمراء من آل علم الدين، أمر بقطع رؤوسهم. أمَّا الشيخ محمود أبو هرموش، فقد قُبض عليه واكتفوا بقطع لسانه وإبهاميه تمشياً مع التقاليد
كافأ الأمير حيدر الشهابي حلفاءه في المعركة، ووزع عليهم الإقطاع، وحصل آل أبي اللمع على رتبة الأمارة مع  قاطع المتن الشمالي تضاف ( إلى صليما، المتين وكفرسلوان )، ونال الشيخ قبلان القاضي إقليم جزين، والشيخ علي النكدي المناصف، والشيخ جنبلاط عبد الملك منطقة الجرد، والشيخان محمد وبشير تلحوق أُقطِعا منطقة الغرب الأعلى.

كان لمعركة عين داره  ذلك القول  المعروف ( رُبَّ ضارة نافعة ). 
الهجرة القسريَّة  من العائلات ( اليمنية ) إلى  جبال حوران في سوريا التي بات يعرف  أحدهم ( بجبل الدروز )، عندما قام أعيان آل حمدان ( حمدان الحمدان وأخوه من قرية كفرا قرب عيناب التي أحرقها القيسيين بعد موقعة عين داره ).   بدخول ( جبال  حوران ) التي كانت شبه خاوية، وبنوا هناك مؤسسات وقرى واستوطنوا جبل الدروز عامة. ( يراجع بذلك عباس أبو صالح وسامي مكارم وصالح زهر الدين ).  
لم يصل إلى جبل الدروز ( سوريا ) ذلك الخلاف ( قيسي، يمني ) بل  توحدَّت العائلات ولم تصل اليها اليزبكية والجنبلاطية أيضاً.

كذلك الأمر لا تجد هذه الغرضية الحزبية في الاردن وفلسطين.

أخيراً
من يرغب في ذكر  اسم ( قريته أو بلدته أو مدينتهواسم عائلته واسم العائلة التي تعود بأصولها في لبنان، أكون له من الشاكرين
اسم العائلة  :
من سوريا أو  الاردن أو فلسطين
اسم العائلة من لبنان   …
مثلاً :

هنيدي ( السويداء، سوريا  )
المصري ( صليما، لبنان  )

فيصل المصري 
أُورلاندوا / فلوريدا
٢٠ / ٢ / ٢٠٢٠