آمال الأطرش …
أو أسمهان أميرة في السياسة.
أسمهان : او الأميرة آمال الاطرش.
تاريخ ولادتها : ٢٥ تشرين الثاني ١٩١٢
تاريخ وفاتها : ١٤ تموز ١٩٤٤
- المُقَدِّمة التي لا بد منها :
حين أُريد أن أكتُّب مُدوِّنة عن أي إنسان، سواء كان رجلاً او إمرأة، أختار من سيرته أو سيرتها ما أشار اليه المؤرِّخون بدءً بالعرب ..
كذلك أبحث وأستقصي عن ما أغفلوا عنه أو عنها، قصداً ..
دائماً وأبداً يعتريني الهمَّ كلما أردت ان أكتُّب عن شخصية تنتمي إلى طائفة الموحِّدين الدروز، لأنَّ بعض المؤرخين العرب برعُوا في كتابة التدليس والكذب والنفاق وفي إلصاق التهَم دون وجه حق، ومن غير وازع ضمير، من أجل طمس الحقائق أو إجهاض السمعة لمآرب دنيئة خسيسة، أو من أجل تزوير التاريخ.
شخصيا ً ..
واجهتني هذه المِحنَّة لما بدأت الكتابة لشركة غوغل الوثائقية الأميركية من أجل تصحيح ما جرى كتابته وتدوينه عن الموحدِّين الدروز، حيث خالفت مِراراً وتكراراً ما دوَّنه جهابذة وعباقرة المنافقين العرب، وكنت أهرع إلى طلب النجدَّة من مؤرِّخي الغرب، لأنَّهم أكثرُ مِصداقية وموضوعيَّةً وحياداً من المتزلفين العرب ..
وللتأكيد على ذلك أنَّ كتاب أبن الأثير القيِّم ( الكامل في التاريخ ) بقي مخفياً عن أنظار كل باحث لانه يتضمن تاريخ العالم العربي الاسلامي الصحيح، وفيه موبقات صلاح الدين الأيوبي ( ٥٥٥ / ٦٣٠ هجرية ) تجاه الموحِّدين الدروز في عاصمة الخلافة الفاطمية القاهرة، وحقارته تجاه إحراق مكتبة ( دار الحكمة ) التي أنشأها الحاكم بأمر الله والتي كانت تحوي عشرات الوثائق والمخطوطات المهمة التي من شأنها أن تؤرخ بشكل أفضل.
لم ينسحب التاريخ العربي الكاذب المزيَّف والمزوَّر إلى كل من يخالفهم في الرأي والعقيدة فقط، بل أغفل بعض المؤرخين العربي عن ذكر دور الموحِّدين الدروز السياسي والثقافي والفني لغاية في نفس يعقوب.
ولي في ذلك مثلين صارخين كبيرين شامخين على جبين الأُمَّة العربيَّة وهما :
- سلطان باشا الاطرش السياسي.
- والموسيقار فريد الاطرش الموسيقي.
وقد كتَّبت فيهما مُدوِّنتين دحضّت فيهما أكاذيب مؤرخي العرب وهوسِّهم في التجنِّي والإفتراء ..
بكل أمانة ..
إعتراني الهمُّ ..
وأرَّقني الفؤاد ..
وشحذني التفكير ..
عندما أردت الكتابة في أسمهان ..
لا بل في حضرة الأميرة آمال الأطرش ..
لأنَّها ..
هي ..
آمال الأطرش .. الأميرة.
آمال الاطرش .. المطربة.
آمال الأطرش .. جميلة الجميلات.
آمال الأطرش .. شقيقة الموسيقار فريد الأطرش.
آمال الأطرش .. زوجة الأمير حسن الأطرش.
آمال الأطرش .. أميرة الجبّل.
آمال الأطرش .. يكفي تعريفاً، وكفى تعريفاً ..
لن أملأ مُدوِّنتي هذه في كل ذلك ..
هناك صفحات كثيرة فيها ما يُروي الغليل عن هذه الشخصية الفذَّة ..
لأنَّها أشهر من نارٍ على علم.
لأنَّها هي وحدها التي لم يُشَقُّ لها ما خلَّفته من غُبار في كل ميدان خاضته ..
مُدوِّنتي هذه في حضرة آمال الأطرش ..
الأميرة في السياسة ..
الشخصيَّة صاحبة الرؤية السياسية ..
السيدة ثاقبة النظر ..
الإمرأة التي وقفت مع الرجال الاشاوس في الصفوف الأمامية ..
الزوجة التي رافقت أميراً في المهمَّات الصعبة ..
تلك الفارسَّة التي حاولت إنقاذ عشيرتها وأبناء جِلدتها ..
في أيام إبتلاع سوريا من قبل فرنسا وبريطانيا ..
تلك الشخصية ..
التي قالوا عنها جاسوسة ..
تارة للإنكليز ..
وطوْراً للفرنسيين ..
أمال الاطرش كانت في وقت من الأوقات زوجة ( الامير حسن الاطرش، الذي له باع طويل وكريم وصادق وجريئ في سياسة سوريا في النصف الاول من القرن العشرين، وكل ما كُتُّب عنه خلاف ذلك هو محض كذب وإفتراء وقد تبين لي أنَّ هناك مُحاولات من حُثالة الكتبَّة ومنافقي السلطات التعتيم على هذه الشخصية السياسيَّة السورية الدرزية ).
آمال الأطرش تنتمي إلى طائفة الموحِّدين الدروز التي تمتاز عن غيرها من الطوائف أنَّها في المُلِمَّات التاريخية وفي المنعطفات الخطيرة، يجهد زعماؤها إلى وضع مصلحة الطائفة وسلامة أبنائها فوق كل إعتبار، بمعزل عن الأهواء الدوليَّة التي يكتنفها النفاق الوطني الذي ينزف حسداً وغيرةً، او إلصاق تهَّم باطلة كالعمالة أو التجسُّس.
ولنا في ذلك المثل الصارخ في مواقف السِّت نظيرة جنبلاط والدة الزعيم المرحوم كمال جنبلاط عشيَّة الانتداب الفرنسي.
( يراجع في ذلك مُدوِّنتي عن السِّت نظيرة جنبلاط )
والموقف التاريخي الذي وقفته آمال الأطرش مع زوجها الأمير حسن الأطرش أثناء محادثات تقسيم العالم العربي خلال الحرب العالمية الثانية وبالأخص إلى من ستؤول سوريا ..
قيل في آمال الأطرش الكثير من الافتراءات والأباطيل والاكاذيب وإلصاق التهَّم بأنَّها جاسوسة لبريطانيا ثم إلى فرنسا.
ذنب آمال الأطرش أنَّها سارت على سجي، وسكَّة من سبقها من زعماء طائفة الموحدِّين الدروز، والذي يقضي بالحفاظ على سلامة أفراد عشيرتها القاطنين في جبل العرب ( أنداك جبل الدروز ) ومصالحهم، بغضِّ النظر عن أمور فيها فلسفة وطنية لا تُقري ولا تُشبع، وهذه هي عادة العرب الغيارى في إلصاق تهمة الخيانة والجاسوسية منذ نكبة فلسطين على كل من تأمر به السلطات المحلية القابضة على العباد.
وتحملَّت التجَّني الأميرة آمال الأطرش وفارقَّت هذه الدنيا إلى مقرِّ الأبطال في رُكْنٍ مميز في الجنَّة.
من هي الاميرة آمال الأطرش.
هي، الإبنة الوحيدة للأمير فهد الأطرش وكان مدير ناحية في قضاء ديمرجي في تركيا، والدتها علياء المنذر من بلدة شويت في قضاء عاليه في جبل لبنان.
بعد وفاة والدها الأمير فهد بالعام ١٩٢٤، إضطرَّت والدتها الأميرة علياء على إثر نشوب الثورة السورية الكبرى إلى مغادرة سوريا والتوجُّه إلى مصر.
في سنة ١٩٣٤ تزوجت آمال الأطرش من الأمير حسن الأطرش وإنتقلت معه إلى جبل الدروز في سوريا في قرية عِرَّى مركز إمارة آل الأطرش.
بقيَّت آمال الأطرش أميرةً للجبل مدة ست سنوات، رزقت خلالها بإبنة وحيدة.
وقد أُثيرت حولها القُصص وحيكت الأخبار حول تعاون ألاميرة آمال الأطرش مع الاستخبارات البريطانية ..
في تلك الفترة أثناء تواجد الاميرة آمال الأطرش في الجبل، كانت منطقة الشرق حبلى بالاحداث حيث الحرب العالمية الثانية تدور رُحاها والحلفاء يُحالون تحرير سوريا وفلسطين ولبنان من قوات الجنرال فيشي الفرنسية وقوات ألمانيا النازية.
كانت المنطقة تفوح بالأخبار من أجل خلق الفوضى حتى يسهل للحلفاء إحتلالها،
ومن هذه الأخبار التي كانت تسري كالنار في الهشيم، أنَّ للأميرة آمال الآطرش دور سياسي مشبوه وعلامات إستفهام وشكوك، في حين أسدلوا الستارَة عن الأعمال الخيريَّة التي كانت تقوم بها من أجل تحسين مستوى الحياة المعيشية في الجبل.
وفاة الاميرة آمال الأطرش :
لقَّت آمال الأطرش مصرعها صباح يوم الجمعة ١٤ تموز ١٩٤٤.
سائق سيارتها لم يُصَب بأذى ..
وبعد الحادثة إختفى ! ..
وعلى جري العادة في نشر القصصَ ..
طالت أصابع الاتهام المخابرات البريطانية وغير جهة أُخرى ..
- الخلاصة :
إذا ما نظرنا الى الواقع العربي الحديث ..
وإذا أردنا ان نعرف ماذا حصل بالامس القريب ..
فإنَّنا وبكل أسف لا نعرف الحقيقة، والسبب في ذلك أنَّ الصحافة العربية مثلها مثل الصحافة الغربية تكذب ..
والمؤرِّخ القادم سيعتمد بالجزء الأكبر على ما يستقيه من أخبار الصحف ..
لهذا السبب فإنَّ آمال الأطرش عندما أرادت وسعَّت في ان تُساعد أبناء مِلَّتها، مثلها مثل من يكون في الصدارة أو الزعامة، لا يُعاب عليه إن أقام علاقات محليَّة أو دوليَّة ..
فالعيب كل العيب الهروب وعدم خِدمة الرعيَّة، والحفاظ على أمنهم ومصالحهم ..
لهذا السبب، تلقَّت آمال الأطرش سهام التجريح من كذبَة المؤرِّخين، ولكنها بقيت أيقونة ورمز سياسي وإجتماعي في الذاكرة التاريخية للموحدِّين الدروز ..
وإذا إعتبر بعض مؤرخي العرب السيدة نازك العابد الأديبة والناشطة السورية بأنَّها جان دارك العرب كما لُقَّبوها، لأنَّها قامت بنشر أسباب الثورة السورية وملابساتها، وتكلمت عن حق بلادها في الحرية والاستقلال.
وإذا إعتبر النُقَّاد العرب الذين تأبطُّوا الفن وخلعوا الألقاب مثل كوكب الشرق على أم كلثوم أو سفيرتنا للنجوم على فيروز.
فإنِّي أعتبر آمال الاطرش أميرة السياسة في السماء.
شاء من شاء وأبى من أبى …
فيصل المصري
صليما / المتن.
لبنان.
٣١ أيار ٢٠١٩
المراجع :
المُدونَّات الفيصليَّة.
أعلام وحوادث وشخصيات تاريخية.
الموحِّدون الدروز عبر التاريخ.