Pages

الأحد، 30 ديسمبر 2018

دونالد ترامب، والإنسحاب من سوريا،
وكتابة التاريخ الحديث،
والإستبلشمانت الأميركية. 

المُقدِّمة التي لا بُدَّ منها :

لما طرح الإعلامي المُميَّز في أميركا ( شون هانيتي ) على السيدة الاولى الاميركية،  ( اللايدي ) ميلينيا ترامب ذلك السؤال :

هل يزعجك كيف تتعامل معك ومع عائلتك، الميديا الاميركية ؟
أجابت بالقول لا يزعجني …
 ولكنه يؤلمني بإعتباره سيكون تاريخاً غير صحيح. 

هذا الجواب من فتاة  ترعرعَّت في سهول، وهضاب، وبطاح، وجبال  وسط ( قارة  أوروبا العجوز)، لتصل الى العالم الجديد كمهاجرة وتحتل البيت الابيض تاركة الصحافة والميديا الاميركية والمذيعين والمذيعات،  ينبحون إفتراءً وكذباً وتدجيلاً. 

أدى هذا الجواب الى : 
فتح الباب على مصراعيه عن كيفية كتابة التاريخ المعاصر، وكيف سيصل الى الأجيال القادمة، نظراً لكثرة وجود أدوات التواصل الإجتماعية. 

كنت شخصياً قد ذكرت أن  بعض من كَتَبَ في التاريخ القديم، هم من الحُثالَّة، وقد أتيت على ذكرهم في مُدونَّاتي. 

هذه المُقدِّمة تعطي فكرة عن ( كيف تعاملت الصحافة الأميركية الحقودة، وكيف تعاملت الصحافة العربية الغبية ) في مسألة الانسحاب الاميركي من سوريا، وكأن الرئيس ترامب إخترع البارود وقام بما لم يفعله من قبل رؤساء أميركا في مسألة التدخل بشؤون الدول الاخرى. 

بعد هذه المُقدِّمة، أقول :

لم يَعُّد خافياً على أحد أن التاريخ الصحيح  سيذكر ان الرئيس دونالد ترامب، هو أول رئيس أميركي قاوم وحارب الإستبلشمانت الاميركية البغيضة، اللعينة التي تمثلَّت في سلالة آل بوش ( الأب والابن )، وصولاً الى هيلاري كلينتون حيث تَمَّ إنهاك الدول العربية الاسلامية إقتصادياً، وأمنياً، وسمعة  للدين الاسلامي الحنيف. 

ولم يَعُّد خافياً على أحد أن الصراع في أميركا بات على فُوهَّة بركان، إمَّا دونالد ترامب يبقى رئيساً ويُكمل ولايته، أو تستعيد الإستبلشمانت نفوذها، وصولاً الى أن تختار وتُعين رئيساً وفق أهوائها ومخططاتها الجهنمية، كما حصل بعد جمع الأضداد ( أوباما، كلينتون ) ليكملوا ما بدأه  ( بوش الأب والابن ) 

بات واضحاً أن أي قرار، او زيارة، او تصريح، او تغريدة يقوم بها الرئيس ترامب تنهال عليه الميديا الاميركية جميعها، ( ما عدا محطة فوكس نيوز ) بالشتائم حتى أنهم لا يتورعون عن نعته بالكذَّاب، والمهرِّج، والأضحوكة الى ما هنالك من ألفاظ لا يُتقنها إلا حُثالة  كُتَّاب التاريخ المعاصر. 

لما أيقن الرئيس ترامب أن مسألة إغتيال ( الخاشقجي ) لا تستدعي قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية بالرغم من صُراخ  وعويل  الإستبلشمانت الاميركية ( المُمثلَّة بالميديا )  حيث أجهشوا  بالبكاء  كالتماسيح على فقدان هذا الصحافي السعودي، بحجة أن الولايات المتحدة من واجباتها الاساسية والإنسانية  أن تقطع علاقاتها مع الدول التي لا ترعى حقوق الانسان. 

كان ردَّي يومها في لقاء خاص، في حال تطبيق هذا المبدأ فإنه يتوجَّب على الولايات المتحدة الاميركية ان تقطع علاقاتها مع جميع الدول العربية، وصولا الى أي دولة عربية إسلامية قد تكون على القمر. 

كان القصد من همروجة حقوق الانسان في العالم العربي، ومقتل الخاشقجي هو تهييج الشعب الاميركي قبيل إنتخابات مجلس النواب  منذ شهر تقريباً،  وقد نجحت الإستبلشمانت في الحزب الديموقراطي في  السيطرة على المجلس في دورته الجديدة إعتباراً من ٣ كانون الثاني ٢٠١٩م. 

الان تم نسيان حقوق الانسان في العالم العربي، بالرغم من سيطرة الإستبلشمانت على مجلس النواب، وغداً لناظره قريب. 

وبالتالي هنيئاً لأغبياء السياسة في العالم العربي، لم ينفع نهيقهم، ولا نباحهم، ولا نعيقهم، ولا  بكاؤهم على مقتل حقوق الانسان في بلدانهم. 

في مسألة الإنسحاب الاميركي من سوريا. 

يُثير إشمئزازي عندما أقرأ تعليقات الأقلام العربية، ويزيد حُنقي خوف بعض فطاحل السياسة في لبنان والعالم العربي عندما يذرفون الدمع، ويخافون، ويشمتون، أو يهدِّدون  الأقلية الكردية في سوريا، من العواقب الوخيمة لمصيرهم، إن لم ينصاعوا للنظام السوري الحالي، بعد الإنسحاب الاميركي. 

ومِن باب التسلية أبوح لكم بإحد أسراري !!

بالماضي لَمَّا كنت في أواخر الصفوف الثانوية  في ( كلية المقاصد، و ال  IC )  لم أترك مظاهرة تجوب شوارع عاصمة لبنان ( بيروت ) إلا وأُشارك فيها، لأهتف وأُطالب مع غيري من المتظاهرين الشباب ( والصبايا )  بحقوق شعب جُزر القمر، أو موزامبيق او جزر الواق واق، غافلين عن المطالبة بحقوقنا.  

واليوم،  لا أدري إذا ما زال الوطن على حاله ……

الأقلية الكردية، ( أحترمها ) أصبحت الشغل الشاغل لبعض الساسَّة والأقلام المحليين، ونسوا وتناسوا الأقليات العربية الاخرى، أهمها الأقلية الدرزيَّة في سوريا، وما هو مصيرها بعد الإنسحاب الاميركي من بحر هائج يسرح ويمرح فيه هاجوج وماجوج القرون الجاهلية، ومن تدخلات دول قريبة او بعيدة. 

شخصياً …
لن أغوص في هذا الموضوع، لأني أعرف ماذا قال الرئيس ترامب عن سلامة بعض الأقليات الاخرى، والى من ترك لهم أمر التعاطي في هذا الملف الشائك. 

الأن أصل الى صلب الموضوع :

حتى نفهم سياسة الرئيس ترامب الحالية، لا بد من إلقاء ضوء تاريخي على السياسات الاميركية في مسالة التدخل الأجنبي. 

دائما يطيب لي وانا أضع دراسة،  أن أقوم بتوثيقها حتى يسهُل على القارئ معرفة الموضوعية التي أرنو اليها، دون تمييز او تحيُّز. 


السياسة الخارجية الاميركية، ونظرية التدخل في شؤون الدول الأجنبية :

عدم التدخل أو عدم التدخلية، وتعريفها :

هي سياسة خارجية تقضي بأن يتجنَّب الحكُّام السياسيون عقد تحالفات مع دول أخرى، ولكن مع الإبقاء على مستوى الدبلوماسية، وتجنُّب شن الحروب التي ليست لها صلة مباشرة بالدفاع عن النفس.

يستند  هذا المفهوم على أساس أن الدولة يجب ألا تتدخل في السياسات الداخلية لدولة أخرى، تحقيقًا لمبادئ سيادة الدولة وحق تقرير المصير، وهناك عبارة مماثلة لهذا المصطلح وهي "الاستقلال الإستراتيجي".

ومن الأمثلة التاريخية لمؤيدي سياسة عدم التدخل الرؤساء الأمريكيون ( جورج واشنطون وتوماس جفرسون )، اللذان دعما سياسة عدم التدخل في الحروب الأوروبية مع الإبقاء على ممارسة التجارة الحرة. 



كانت الولايات المتحدة قبل دخولها أي حرب تعتنق مذهب ( الرئيس  مونرو ) الذي يقوم على حياد أميركا في سياستها الخارجية عن أوروبا، وعدم السماح لأية دولة أوروبية بالتدخل في الشؤون الأميركية

غير أن الإستبلشمانت الاميركية  رأت أن من مصلحة  أميركا  الاستفادة من الحروب عن طريق دخولها.


مبدأ الرئيس مونرو :

مبدأ مونرو، هو :  
بيان أعلنه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو في رسالة سلّمها للكونغرس الأمريكي في 2 كانون الاول من العام 1823م.

نادى مبدأ مونرو بضمان إستقلال كلِّ دول نصف الكرة الغربي ضد التدخل الأوروبي بغرض اضطهادهم، أو التّدخّل في تقرير مصيرهم. 

ويشير مبدأ مونرو أيضاً إلى أن الأوروبيين الأمريكييّن لايجوز إعتبارهم رعايا مستعمرات لأي دولة أوروبية في المستقبل. 

كان القصد من هذا البيان هو أن الولايات المتحدة لن تسمَح بتكوين مستعمرات جديدة في الأمريكتين، بالإضافة إلى عدم السماح للمستعمرات التي كانت قائمة بالتوسع في حدودها.

وفي أوائل القرن العشرين الميلادي، أعطى الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت حياة ومعنىً جديدين لمبدأ مونرو،  فقد أشار إلى أن الضعف والممارسَات الخاطئة في أي من الدول الأمريكية الصغيرة ربما تغري الدول الأوروبية بالتدخل.

وقد  إتبع الرئيس وودرو ويلسون سياسة روزفلت، ولكنه وعد بأن الولايات المتحدة لن تستولي بالقوة مرة ثانية على موطئ قدم إضافي.

أمَّا سياسة حسن الجوار

أعلن الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت ( سياسة حسن الجوار ) في مستهل فترة رئاسته قبيل الحرب العالمية الثانية، وقال : 

إن جميع الأمريكيين يجب أن يساهموا في دعم مبدأ مونرو، وبالتالي أصبح الدّفاع عن نصف الكرة الغربي واجباً جماعياً. 

وقد طبق الرئيس فرانكلين روزفلت  سياسة " حُسن الجوار " مع دول أمريكا اللاتينية. فسحب القوات الأمريكية من هايتي، وألغى التعديل الدستوري الذي كان يسمح للولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولة كوبا. كما دفع أموالاً لبنما مقابل استغلال قناة بنما. 



الحرب العالمية الثانية، وسياسة الولايات المتحدة الاميركية :

في بداية الحرب العالمية الثانية، أعلن الرئيس فرانكلين روزفلت  حياد الولايات المتحدة وعدم تدخلها. 

وقد تكونَّت لجنة عام 1940، لتجنيب أمريكا الدخول في الحرب. 

ولكن مع إحتلال فرنسا. 
ووقوع معركة بريطانيا (Battle of Britain) الشهيرة عام 1940. 
إقتربت الولايات المتحدة أكثر من الحلفاء. 

وفي أيلول عام 1940، أعلن روزفلت عن عزمه إرسال 50 سفينة حربية قديمة لبريطانيا، مقابل إعطائهم حق استخدام بعض القواعد البحرية. 

وفي أذار عام 1941، أقرضت الولايات المتحدة بريطانيا، وبعد ذلك الاتحاد السوفيتي، ودول أخرى تابعة للحلفاء، معدات حربية تقدر بخمسين مليار دولار.

وفي السابع من كانون الاول عام 1941، هاجم اليابانيون بيرل هاربر في هاواي، وتسببوا في مقتل 2300 أمريكي، وإصابة 1200 آخرين. 

وفي اليوم التالي طالب الرئيس فرانكلين روزفلت، الكونغرس إعلان الحرب. 

الخلاصة :

يظهر من الدراسة أعلاه، ان الرؤساء في أميركا يتبعون، وينتقون سياسة من سبقهم، إما التدخل او عدم التدخل، ودائماً وأبداً يأخذون مصلحة بلدهم في المقام الاول. 

أمَّا في مسألة الربيع العربي، فإن حساب الحقل إختلف كثيراً عن حساب البيدر. 
والى دراسة أخرى، توضح كيف تتعامل أوروبا مع زرعها بذور الربيع في العالم العربي. 

وإذا أصبحت الولايات المتحدة الاميركية اليوم على فُوهة بركان. 
فإن أوروبا بدأت تسْتطلي، حريقاً باللهيب. 
وعلى الدائر ( او الباغي ) تدور الدوائر. 


 ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾ [يونس: 23].


فيصل المصري
أُورلاندوا / فلوريدا 

أخر يوم من العام ٢٠١٨ م. 

الجمعة، 28 ديسمبر 2018

عيدٌ بأيَّة حالٍ عُدتَ يا عيدُ …


عيدٌ بأيَّة حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بمناسبة رأس السنة
للأهل في لبنان


المُقدِّمة :

هذه المُدونَّة ليست من أسرار الآلهة
قد تكون من أسرار الحقائب  الدبلوماسية …. 

بالأمس إستحضرت روح إبن خلدون، حتى يندَّس بالتظاهرات التي سارَت في بيروت، وفقاً  لعصا المايسترو الذي هو ملك، من الملوك في لبنان

واليوم أستجلب روح المتنبي، حتى ينخرِّط مع أغلبية الشعب اللبناني، وينشد قصيدته التي أصبحت مغناة تكريمية لقدوم أي عيد

عيدٌ بأيَّة حالٍ عُدتَ يا عيدُ
أي بما معناه

إن الأمور في لبنان ما زالت على حالها وستبقى، طالما الملوك في لبنان مُتفقون على توزيع المغانم بالعدل والقسطاس، فيما بينهم
تعريف القسطاس :

ألة ميزان دقيق، يُعتبر أضبط الموازين وأقومها ويُعبِّر عن العدالة
والقسط، هو الحِصَّة أو النصيب

ولكن يبدو أن القسطاس ( الحِصَّة والنصيب للغير ) في عهد الرئيس ميشال عون القوي، ( وفق الشعار الجديد المُضاف الى لبنان، بلد الإشعاع والنور، وسويسرا الشرق، الى ما هنالك من شعارات ) بدأ يختَّل وتميل كفة مغانم الدولة الى جِهة واحدة، وهذا النمط في جشع توزيع مغانم الدولة، أوجد هذا الهيجان المنضبط من باقي الملوك وفق غير عصا واحدة جرى حرمانها، أو التقليل من حِصتها

هذا الخلل في العدل والقسطاس الذي خلقه العهد ( القوي ) أوجد إهتزازاً في بنية توزيع المغانم على المستفيدين، والمحاسيب والأزلام

تقول المصادر ...
أن الأُسس المتينة لبقاء الكيان اللبناني بالرغم من خيباته الإقليمية والدولية، هو الذكاء المُفرط، والعدل والقسطاس في توزيع المغانم المنهوبة من الدولة

وإذا إختَّل هذا الميزان، تقع الكارثة
والميزان المقصود، لا علاقة له بسيادة القانون، وتكافؤ الفرص، ولا يندرج إطلاقاً تحت مبدأ تأمين الخدمات العامة للشعب كالماء، والكهرباء، والطرقات وباقي الخدمات اليومية، بل يقع الخلاف في هذه المسائل على التلزيم، ولا تشكل هذه الامور، خطراً قومياً او إقليمياً، او دولياً لانها لا تدخل في هموم هذه الدوَّل

فإذا نظرنا الى حِصص الملوك، في توزيع الوزارات، والإدارات العامة، وتقاسم التوظيف في ملاكات الدولة، والمنافع التي تعود الى كل سعادة مدير، مدني او عسكري ( جيش، قوى أمن داخلي وباقي المراكز الأمنيةإلخ

يتبين ان شريحة لا يستهان بها من المحظوظين، والمحظيات من الشعب اللبناني تستفيد من هذا الكيان الذي يدِّر حليباً من مزاريبه المنفلته، والمصبوبة عليهم دون سواهم

هذه الفئة الوحيدة هي التي تضررَّت من الرئيس او العهد القوِّي، لأن تدَّنى درجة الإستفادة من خزائن الدولة ( كالطبابة، والإستشفاء، والرواتب، والتعويضات مدى الحياة، والمرافقات الأمنية لأفراد بعض العائلات إلخ.) هي التي أبدت إمتعاضاً.

وبنظر المصادر، هذه الفئة ( المستفيدة ) لا تشكل خطراً أمنياً لأن الانضباطيَّة ( السمع والطاعة ) هو المعيار لأجل إستفادتها من مزاريب الملوك، وبالتالي إن تحركَّت يبقى المايسترو ماسكاً عصا الطاعة، إن تطاولت أكثر من المطلوب في أعمال الشغب، والصريخ، وقطع الطرقات، ورمي النفايات الى ما شابه من معزوفات أتقنوا في إيصالها لمسامع من يعنيهم الأمر.  

أما بقية الشعب اللبناني غير المُنخرِّط في مَنظومة ( العدل والقسطاس ) هو في العِير مغلوب على أمره، وفِي النفير لا يتقدَّم بل يتأفف إن بقي في وطنه، أو يهاجر إن إستطاع اليه سبيلاً، وقد يصِّح هذا المثل بالشعب اللبناني المغلوب على أمره وهو من أكثر الأمثال العربية شيوعاً، وقد أطلق أيام النبي مُحمَّد صلَّ الله عليه وسلَّم على بني زهرة من  قبيلة قريش، حينما رفضوا الاشتراك في الحرب ضد النبي محمد، ويضرب هذا المثل في الفئة من القوم التي  ليس لها دور في الأحداث

ولهذا السبب نشرت مُدونَّتي :
( مُلوك الطوائف في لبنان، إن إختلفوا ) حتى ينتبهوا لأن مصيرهم سيكون مثل ملوك الطوائف في الأندلس، إن إختلفوا

هذا من ( الناحية الأمنية السياسية ). 

أمَّا الناحية الاقتصادية وقيمة الليرة اللبنانية، لا تكتم سراً المصادر بالقول، وقد ذكرته شخصياً في مُدونَّتي :

تعليق على مقابلة الزعيم وليد جنبلاط مع الإعلامي مرسال غانم، حيث كتبت :

( ولكني أحب ان أُطمئن البيك أن الليرة اللبنانية بخير طالما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يقرأ ويفهم جيداً  تقارير FBI
المباحث الاميركية ف. ب. أ  عن العمليات والتحويلات المصرفية اللبنانية )

بعد هذه المُقدِّمة، التي وضعت لها إطاراً سياسياً أمنياً  وإقتصادياً، سأكون مع أغلبية الشعب اللبناني وأستحضر المتنبي الذي عاش قبل  1400 سنة.

قصيدة ابو الطيب المتنبي (عيد بأية حال عدت يا عيد) التي قيلت، في عيد الاضحى ترسم صورة واقعية ودقيقة للوضع المأساوي الذي كان سائداً، والذي يُشبه، ويُماثل الوضع المُزري في لبنان اليوم

يسأل الشاعر العيد عن سبب مجيئه، كذلك يسأل شعب لبنان، ويقول :
هل جئت بشيء جديد، خبر او أي شيء، بل جئت تحمل الماضي بين ثناياك ، ذلك الماضي  المليء بالمآسي
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
هذه القصيدة
لا تُشبه هِجاء الشاعر حسان بن ثابت لقبيلة قريش
ولا هِجاء جرير للفرزدق
ولا هِجاء الشعراء، او الزجالين لحكامهم او خصومهم

بل توصف علامات  وإمارات الآسى، وعلامات القهر والذل، والحيرة من المجهول، والضياع التي يتخبَّط بها شعب لبنان، غير المُنخرِط بأية منظومة سياسية او حزبية. 

أخيراً …
يؤسفني القول …
الهجرة، إلى من إستطاع اليه سبيلاً.
هذا ما فعله أبي …
وهذا ما قمت به أنا …
وهذا ما يقوم به أولادي …

كل عام وأنتم أهلنا، وأصدقائنا. 
وقراءٌ مميزون. 
  
فيصل المصري
أخر العام ٢٠١٨ م. 
أُورلاندوا / فلوريدا. 




للتعريف بهذه القصيدة، إليكم ما ورد فيها :

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا وَجْنَاءُ حَرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ
وَكَانَ أطيَبَ مِنْ سَيفي مُعانَقَةً أشْبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِيدُ الأمَاليدُ
لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي شَيْئاً تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ
يا سَاقِيَيَّ أخَمْرٌ في كُؤوسكُما أمْ في كُؤوسِكُمَا هَمٌّ وَتَسهيدُ؟
أصَخْرَةٌ أنَا، ما لي لا تُحَرّكُني هَذِي المُدامُ وَلا هَذي الأغَارِيدُ
إذا أرَدْتُ كُمَيْتَ اللّوْنِ صَافِيَةً وَجَدْتُهَا وَحَبيبُ النّفسِ مَفقُودُ
ماذا لَقيتُ منَ الدّنْيَا وَأعْجَبُهُ أني بمَا أنَا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ
أمْسَيْتُ أرْوَحَ مُثْرٍ خَازِناً وَيَداً أنَا الغَنيّ وَأمْوَالي المَوَاعِيدُ
إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ عنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ
جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ
ما يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ إلاّ وَفي يَدِهِ مِنْ نَتْنِهَا عُودُ
أكُلّمَا اغتَالَ عَبدُ السّوْءِ سَيّدَهُ أوْ خَانَهُ فَلَهُ في مصرَ تَمْهِيدُ
صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ
العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ لَوْ أنّهُ في ثِيَابِ الحُرّ مَوْلُودُ
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ
ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ
ولا تَوَهّمْتُ أنّ النّاسَ قَدْ فُقِدوا وَأنّ مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ
وَأنّ ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرّعاديد
جَوْعانُ يأكُلُ مِنْ زادي وَيُمسِكني لكَيْ يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقْصُودُ
وَيْلُمِّهَا خُطّةً وَيْلُمِّ قَابِلِهَا لِمِثْلِها خُلِقَ المَهْرِيّةُ القُودُ
وَعِنْدَها لَذّ طَعْمَ المَوْتِ شَارِبُهُ إنّ المَنِيّةَ عِنْدَ الذّلّ قِنْديدُ
مَنْ عَلّمَ الأسْوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّيدُ
أمْ أُذْنُهُ في يَدِ النّخّاسِ دامِيَةً أمْ قَدْرُهُ وَهْوَ بالفِلْسَينِ مَرْدودُ
أوْلى اللّئَامِ كُوَيْفِيرٌ بمَعْذِرَةٍ في كلّ لُؤمٍ، وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ
وَذاكَ أنّ الفُحُولَ البِيضَ عاجِزَةٌ عنِ الجَميلِ فكَيفَ الخِصْيةُ السّودُ؟