Pages

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

معضلة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية !!

فٓكِرْ، تَفرَحْ !!
جَرِّب، تَحْزَنْ !!

لقد وصل الشعب اللبناني، بكل أطيافه الى حقيقة ساطعة، آلا وهي ان الطقم الحاكم منذ الاستقلال حتّى هذه اللحظة، غير قادر على ان يفّك او يربط !!

ولقد أدرك الشعب اللبناني أيضا ً وبكل مللّه ان المبادرات التي يقوم بها الأطراف المتناحرة، هي من قبيل الإطالة او العجز !!

ولقد وصل الشعب اللبناني بكل طوائفه الى حافة الملل واليأس من هذه الطغّمة المتربّصة والقابضة على خيرات الوطن !!

وكما جرت العادة في السابق عندما يتناحر الزعماء في لبنان، كان الحّل عند القوى الإقليمية والدولية جاهزا ً للتنفيذ، لان هذه القوى لديها الهموم ما يكفي،
وليست في وارد تحميل مصالحها للإهمال للتفرغ لحل مشاكل لبنان، وأهمها اليوم انتخاب رئيس للجمهورية !!

من دروس التاريخ التي لا يتعلّم او يتعّظ منها زعماء الوطن، انه اذا اختلف  زوج مع زوجته وطلب مساعدة جاره للتوّسط، اول ما يبدر الى ذهن الجار هو اجتياح الزوجة على مرأى او مسمٌع الزوج او خفية ً عنه !!

وهذا ما حصل في لبنان، عندما نصبّت القوى الإقليمية والدولية منظمة التحرير الفلسطينية إدارة مشاكل لبنان، بأواخر القرن الماضي، وقال رئيس هذه المنظمة يومها ( أنا أقدر أُسّوي رئيس جمهورية )

وفي منعطف اخر من تاريخ هذا الوطن، كان الضابط السوري المقيم في عنجر يعيّن رئيس للجمهورية !! 
والغريب وليس العجيب، ان المشهد اليوم هو هو فأبطال  مسرح الدّمى المتحركة هُم هُم او ورثتهم، وحّل معضلة انتخاب الرئيس موجود على الرف، وغّب الطلب !!
فليطمئن بال الشعب اللبناني، ان الرئيس الجديد قادم على حين غرّه !!

لم أسبر غور التاريخ السحيق لأعطي أمثلة عن أنشودة الوطن الحزين، وكيف كان يتم انتخاب رئيس لجمهورية لبنان !! 

أمّا التأخير الحاصل اليوم، سببه ان المطبخ يعّج بالطباخين القدامى، يساعدهم طبّاخين  جدد لا يحسنون الطبخ بقدر ما يفسدونه !! 
فاستعّدوا يا شعب لبنان العنيد على مذاقٍ لا طعم ولا رائحة ولا نكهة  !!

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

محنة الأديان السماوية عبر التاريخ !!

محنة الأديان السماوية 
عبر التاريخ !!

سبق وكتبت في مدونّتي عن المحنة التي عصفت بالدين  السماوي اليهودي منذ ان دخل القائد العسكري نبوخذنّصر أورشليم القدس وهدم هيكل سليمان وسبّى جمهرة كبيرة منهم الى بابل. ( تراجع المدّونة تحت عنوان سر العلاقة بين اليهود والإمبراطورية الفارسية ) وما زال هذا الدين السماوي يواجه المحّن الى يومنا
 هذا !!

 سيكون،  مدار بحثي اليوم عن المحنة التي هزّت كيان الدين السماوي المسيحي في القرون الوسطي في ( أوروبا وانكلترا ). وسأُلقي ضوءً خافتا ً على الهجرة التي سلكها واعتمدها المسيحيون المؤمنون المضطهدون نحو القارة الجديدة، ( أميركا ) هربا ً من الملاحقات القضائية الكهنوتية ضدّهم !! 
أما المحنة التي تلاحق اليوم الدين الاسلامي السماوي، فاني لن ابحث فيها او استفيض في شرحها، لأن تاريخ المحّن في  الدينين السماويين   اليهودي والمسيحي استنفذ عقودا ً لا بل قرونا ً ولمّا انتهت فصوله بعد، وما  محنة الدين الاسلامي اليوم، إلا على بداياتها !!! 

اولا ً : أوروبا وانكلترا في القرون الوسطى !!

في شهر أيلول  من العام ١٦٠٧ أرست ثلاثة بواخر، أهمها  الباخرة  May Flower  في   Chesapeake Bay وعلى متنها المهاجرون الإنكليز والذين حلّوا في James Town في الساحل الشرقي من القارة الأميركية الجديدة، ومن بعد ذلك،  توالت موجات المهاجرين الى أميركا !!

قبل التاريخ أعلاه، كانت أوروبا مسرحا ً للاضطهاد الديني المسيحي بعضه في بعض، وكانت الكنيسة في روما، توازيها حدة ً الكنيسة الانكليزية في وضع ضوابط على رعاياهما، وتفرض قيود على الشعائر الدينية  وتقوم بالملاحقات القانونية امام محاكم التفتيش من اجل قمع الحريات الدينية !!

وقد أفرد الكتّاب ورجال الكنيسة المدّونات الطويلة في شرح المجتمع المسيحي وكيف كانت المذابح والمشانق وشتّى انواع وأشكال التعذيب والهوان تطال المسيحي المؤمن وفق ما يدركه من الرجاء المطلوب للحياة !!

أعتبر رجال الدين المسيحي، والمؤرخون على حدٍ سواء ان تلك الفترة هي محنة الدين المسيحي التي طال لهيبها المسيحي المؤمن، ونخرت في عذاباتها صلب العقيدة !!

أمثلة عن المحّن التي طالت الدين المسيحي :

في إنكلترا اضطهد البروتستانت الكاثوليك !!
في فرنسا وقعت مذبحة البروتستانت الشهيرة ( ١٥٦٢ / ١٥٧٢ )
حرب الثلاثين عاما في أوروبا بالعام  ١٦١٨  وانتقلت من بلد الى اخر !!
في ألمانيا تحارب الكالفينيون واللوثريون !! وكلاهما من البروتستانت !!
بالعام  ١٦٨٣ دبّ الهلع والخوف في أوروبا لما وصل سليمان القانوني ( الامبراطورية العثمانية ) الى أبواب فينا وبدأت أوروبا الشرقية تتساقط، وكان لا بد لأوروبا المسيحية والخطر العثماني  الاسلامي يُحدّق  ويترّبص على الأبواب !! ان تفيق بعد سُبات عميق !!
ظهور حركة المفكرين الملحدين في إنكلترا !!
 هولندا  تبنت الكالفانية مذهبا ًرسميا ً للدولة وبدت وكأنها موئلا للأقليّات !!

كان اليأس المسيحي في ذروته في أوروبا وانكلترا، في ذاك الوقت، ولمّا  توالت الهجرات الى القارة الأميركية، كان يحدوهم الأمل والرجاء في ان  يمارسوا طقوسهم في العالم الجديد في حرية تامة، لان القلوب  كانت عامرة بالمحبة، والعقول كانت مشحونة بالإيمان، ولا ينقصهم الا أرضا ً يمارسون عليها شعائرهم، ولهذا بدأت تظهر في أفئدة المؤمنين عبارة. God bless America  لان أميركا أمنّت الرجاء المسيحي المطلوب في الممارسة الدينية التي يحلمون ويعتقدون  !!

ثانيا : الارض الموعودة، العالم الجديد... أميركا !!

يقول الشاعر العربي :
ما كلُّ ما يتمناه المرءٌ يدركه     تجري الرياح بما لا تشتهي السفُن !!
قد ينطبق هذا الشعر على العربي بالأمس والعربي اليوم،  وقد تبين عدم صحة هذا البيت من الشعر على المهاجر المسيحي الى  العالم الجديد الذي  كان يأمل  في إيجاد  Safe haven، يحميه من الاضطهاد الذي عاناه في وطنه الام، وقد وجد ضالته وقد أدركت سفنه الرياح المؤاتية وأرست مراسيها في الارض الموعودة.  

كان الهّم لهذا المهاجر المسيحي ان يقيم شعائره الدينية بحرية تامة، لا عوائق او زواجر او عقوبات او ملاحقات لانه عانى الكثير وبقي صابرا ً مؤمنا ً مثابرا ً في عبادة الله وفق الإيمان الذي ورثه من الآباء والأجداد !!

عند اندلاع الثورة الأميركية المجيدة وتحديدا ً ٤ تموز ١٧٧٦ ( اعلان الاستقلال )
كان الدين المسيحي بطوائفه البروتستانتية الإنجيلية  والكاثوليكية، يشكل الأغلبية العظمى وكانت المذاهب البروتستانتية لها كنائس منفصلة كالمعمدانبة والخمسينية  واللوثرية والمشيخية  والميثودية والانجليكانية ( الإنجيليين ) 

اما الكنيسة الكاثوليكية هي ثاني اكبر الطوائف في أميركا !! تليها الكنيسة الارثوذكسية !!

إزاء هذا التعدد، في المعتقدات الإيمانية للدين المسيحي الواحد !!
وتجنبا ً للفتن والخلافات ما بين المذاهب للدين الواحد !!
كان لا بد من إيجاد حلول لدرء الأهوال التي عانت منها أوروبا !!
والحلول والوسائل الكفيلة لتجنب الحروب المذهبية !!
ان الحلول  لا تأتي من عقلية متحجرة راسخة من مبدأ أنا او لا أحد !!
لا بد من عقول نيّرة تؤمن بالرأي الاخر !! والعقيدة الدينية الاخرى !!

في خضّم هذا المخاض العسير، حبّا الله أميركا رجالات عظام أمثال توماس جفرسون، وبنجامين فرانكلين وجورج واشنطن، وصحافة شريفة متمثلة في
 The Federalist papers حيث كتب كل من جايمس ماديسون واليكسندر هاميلتون وجون جاي وبابليس حوالي ٨٥ مقالة لمؤازرة إصدار دستور جديد، يكفل ويضمن الحريات الدينية على أنواعها. 
 صدر هذا الدستور بالعام ١٧٨٧ !!

يهمني من الدستور الأميركي، إبراز المواد الدستورية التي تُظهر  كيف جرى  حلّ العقدة المستعصية وهي التناحر الديني والتقاتل المذهبي، والوسائل  التي تكفل حماية المؤمنين في ممارسة معتقداتهم !!

المادة الاولى : Freedom   Of. religion 
المادة الثانية : Rule. Of. Law 

حرية المعتقد في أميركا تعني ان تمارس شعائر دينك، او لا تمارس اي شعائر دينية  ( You can practice any religion, or not practice a religion
وحتى تحفظ  الدولة  الحرية الكاملة لرعاياها  في ممارسة الطقوس الدينية او الحق  في عدم ممارسة اي شعائر  دينية، برز (  الهرم ) المنتصب امام Supreme Court ( المحكمة العليا ) في واشنطن والذي يوازي بعنفوانه وجبروته تمثال الحرية في نيويورك، آلا وهو ( هيبة الدولة ) !!

هيبة الدولة في أميركا تعني ان القانون يعلو ولا يعلى عليه !!
ويكفي هذا التوضيح لانه من قبيل ( ما قلّ ودلّ ) !!
إنّ  المساس بالكبائر في أميركا  يؤدي الى فتح أبواب جهنم على من تخوٌله نفسه العبث في هكذا أفعال جرمية !!
من الكبائر :
الخيانة العظمى 
العبث بمعتقدات الأديان والمذاهب لمواطن او مقيم  في طول وعرض البلاد !!
العنصرية !!
والضريبة !!
لجهنم أبواب أربعة في أميركا، لان المواطن الأميركي والمقيم، إن خوّلته نفسه العبث في معتقد غيره، او حاول ان يجبّره  على ترك معتقده او طلب اليه عنوةً الانضمام الى معتقده، فُتحت هذه الأبواب الأربعة على مصراعيها، فلا أُما ً يجدْ حتى ترحمه، ولا نافذا ً يتوسط له، لان المساس بالدين هو من الكبائر !!

اذا نظرت الى فسيفساء الأديان والمعتقدات في أميركا !!
وإذا حاولت ان تحصي القوميات والاثنيات، المنتشرة في هذه البلاد الكبيرة !!
لا تصل الى إحصاء  او نتيجة واحدة  !!
ولكنك، تدرك حقيقة واحدة ساطعة امام نظرك، وهي ان الجميع سواسية امام القانون، لا يفرّقك دينك عن دين غيرك شيئ، ولا يعطي دينك عن دين غيرك اي امتياز، لان محنة الأديان ولّت في أميركا !!

أعداد
 فيصل المصري 
اورلاندو / فلوريدا  ( أيلول  ٢٠٤١ )